السبت، 28 نوفمبر 2015

بلمختار يُعيد المغرب إلى مدارس الأعيان والفقراء




أفادت تقارير دولية متتالية أن وضع التعليم في المغرب في أسفل الترتيب، وأقسام تعاني من اكتظاظ وصل في بعض الحالات إلى 70 تلميذا، وتلاميذ غير متمكنين من الكفايات المطلوبة، لا يحسنون القراءة ولا الكتابة؛ كل ذلك جعل
الأسر المغربية في حيرة من أمرها، وهي ترى أبناءها فئران تجارب دون جدوى.

أمام هذا الوضع الذي لا يحسد عليه، يسعى وزير التربية الوطنية إلى تشجيع القطاع الخاص في مجال التعليم، ليس فقط عن طريق مستثمرين مغاربة، ولكن عبر فتح المجال أمام الاستثمارات الخارجية، تنفيذا لأحد التدابير ذات الأولوية، التي تقول الوزارة إنها "ستساهم في تحسين العرض المدرسي، عن طريق تأهيل المؤسسات التعليمية واعتماد المدارس الشريكة، التي ستساهم في تطوير النظام التعليمي بالمغرب".

وسعى الوزير المنتدب لدى وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني إلى استقبال وفد ممثل لـ"مجموعة ميقاتي"، الراغبة في فتح مجموعة مدارس مملوكة لرجل الأعمال اللبناني ورئيس الوزراء الأسبق نجيب ميقاتي، على الأراضي المغربية، مع وعود رسمية بتوفير التسهيلات اللازمة لها، من قبيل تبسيط المساطر الإدارية والقانونية.

هروب إلى الأمام

خطوة وزارة التربية الوطنية دفعت الباحث التربوي حنافي جواد إلى التساؤل إن كان القرار تملصا للوزارة من قطاع حساس أرهقتها كلفته، أو رغبة في إصلاح ما يمكن إصلاحه، خاصة أن قطاعا خصوصيا شريكا يشتغل اليوم.

ويرى حنافي أن "الاستثمار الأجنبي في مجال التعليم بالمغرب هروب إلى الأمام، وسعي إلى رفع اليد عن القطاع، أمام العجز الواضح في تقديم الحلول المناسبة والجذرية للمعضلات العملاقة، المتمثلة أساسا في الاكتظاظ، والانتقال دون عتبات نجاح، وقلة الموارد البشرية، وضعف مستوى التخطيط الإستراتيجي والوظيفي للقطاع، كما يظهر جليا مع بداية كل موسم".

"من باب التفاؤل قد نعتبر أنه سيكون لهذا الاستثمار وقع إيجابي على قطاع التعليم المدرسي، لكن يبقى السؤال مفتوحا عمن سيؤدي فاتورته، وما هي الضمانات التي يمكن تقديمها لحمايةً الحق في التعليم المكفول دستوريا؟ وإن كان تلاميذ المدرسة العمومية سيتلقون تعليما مناسبا أمام عزم الوزارة الاتجاه نحو الخوصصة"، يقول المتحدث في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية.

وأشار الباحث في التربية والتعليم المدرسي إلى أن "الوزارة تحاول جاهدة ربط كل خطواتها ومشاريعها وتحركاتها بالتدابير ذات الأولوية"، لافتا إلى أنه "ربط متعسف في أحيان كثيرة، إذ إن التدابير ذات الأولوية ينبغي الانكباب على تنزيلها كلية وبالحرف، لا البحث عن المخارج التي تُوهِم بالتنزيل"، موضحا أن "توسيع العرض المدرسي ذو أهمية بالغة، ولكن ليس على حساب جيوب المواطنين، ولا على حساب خلق فوارق تعليمية بين أبناء الوطن الواحد: فئة تتلقى تعليما جيدا لأنها تؤدي الفاتورة، وفئة مهملة لا يُحسب لها حساب".

تمييز وطبقية

من جهته، لم يستغرب عبد الوهاب السحيمي، أستاذ التعليم الابتدائي، اتخاذ وزير التربية الوطنية، رشيد بلمختار، هذه الخطوة، مشيرا إلى أنه، ومنذ تعيينه، "جاء بمجموعة من القرارات والتدابير التي تصب في خدمة القطاع الخاص، انطلاقا من الباكالوريا المهنية، وبعدها الباكالوريا الدولية، زيادة على فصل التكوين عن التوظيف، عبر مرسوم وزاري يناضل الأساتذة المتدربون حاليا لإسقاطه".

واعتبر السحيمي، في تصريح لجريدة هسبريس، أن بلمختار عبر هذا القرار الجديد "يعمد إلى خلق التمييز داخل قطاع التربية الوطنية"، غير مستبعد "عودة المغرب إلى مدارس للأعيان، وأخرى متعلقة بأولاد الشعب"، داعيا إلى حق جميع أبناء المغرب في تعليم موحد وعلى قدم المساواة. "لا نريد أن ينقسم المغرب بين أبناء فئات محظوظة ومحدودة لهم إمكانية الاستفادة من دراسة جيدة، وأبناء الشعب المغربي المنحدرين من الطبقات الفقيرة والمعوزة، التي حتما سيكون مصيرها الشارع أو التكوين المهني"، وفق تعبير رجل التعليم. 

 
هسبريس - ماجدة أيت لكتاوي 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مــواضــيـع أخــــرى