الأحد، 17 مايو 2015

الجامعة الوطنية للتعليم تدعو إلى حماية المدرسة العمومية ضد خطر "التدابير ذات الأولوية"


 عن الجامعة الوطنية للتعليم

مرت حوالي خمس عشرة سنة على الانطلاق الفعلي في تنفيذ مشروع البنك الدولي لـ"إصلاح التعليم" بالمغرب، وتعرضت خلالها منظومة التعليم العمومي ببلادنا لأكبر وأخطر عملية تفكيك معمم على كافة المستويات والأصعدة.  فقد شهدت عشرية "الميثاق" وما تلاها من مخططات "استعجالية" استكمال كل التدابير والترتيبات المتعلقة بإرساء دعائم ومرتكزات السياسة التعليمية
"الجديدة" الرامية إلى تكييف أدوار ووظائف المدرسة المغربية لتُلائِم متطلبات وحاجيات السوق العالمية، حيث تم الانتهاء من كل العمليات المرتبطة بالإرساء والتثبيت للأطر المرجعية الجديدة وتكييف القوانين والتشريعات القديمة وسن أخرى جديدة وإعادة هيكلة جذرية وعميقة لمختلف النظم الإدارية والهياكل التنظيمية في اتجاه المزيد من المرونة والتفكيك لاستيعاب التحولات الجارية.
و في هذا السياق تم "إنجاز "ما يلي:
   إحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين وتمتيعها بالمزيد من الصلاحيات الواسعة لتحل تدريجيا محل وزارة التربية الوطنية والتكوين.
   إرساء المجالس الإدارية ومجالس التدبير وجمعيات دعم "مدرسة النجاح" ومنحها صلاحية المشاركة في التدبير والتسيير الإداري في أفق تحميلها مسؤولية البحث عن مصادر بديلة للتمويل المالي لحاجيات المؤسسة/المقاولة.
   إفراغ مجالس الأقسام من سلطاتها عبر إصدار مذكرة 17 أكتوبر 2014.
   إرساء وتعميق نظام الجهوية واللامركزية كمخرج إداري للتغطية على انسحاب الدولة النهائي من كل التزام لها اتجاه المدرسة العمومية، والترويج لطرح بديل غامض وتصفوي، قائم على شعار "مشروع المؤسسة" ذات الاستقلال الإداري والمالي!!؟
   تغيير البرامج والمناهج القائمة على بناء المعارف العلمية والأدبية والفلسفات الحديثة وتبني أخرى تعتمد الكفايات المهنية والحد الأدنى من التعلمات الأساسية ومحو الأمية.
   تحرير "سوق" الكتاب المدرسي في وجه المنافسة التجارية.
   فتح "سوق" التعليم المغربية أمام عمالقة الإعلام والاتصال (مايكروسوفت،E-Learning...) لاحتكار المتاجرة في الخدمات التعليمية، من بيع للخردة المعلوماتية من حواسيب وبرامج وأقراص، إلى بيع التكوينات والشواهد والدبلومات (جيني، M.O.S، مسار، مسير..) والبقية تأتي.
   الدعم المتواصل واللامشروط للقطاع الخاص وتأهيله بالحوافز والتشجيعات ليحل تدريجيا محل التعليم العام.
كما صاحبت هذه العمليات المرتبطة بتفكيك البنى والهياكل جملة من التدابير والإجراءات المتطرفة في مجال تدبير الموارد البشرية نذكر من بينها:
       التقليص الحاد والممنهج لحجم التوظيف بالقطاع عبر مجموعة من الإجراءات: تنظيم المغادرة الطوعية – عدم تعويض المتقاعدين- حذف السلالم الدنيا وتوقيف التوظيف بها - تفويت خدمات الحراسة والنظافة.. وصولا إلى الإغلاق النهائي لباب التوظيف على الصعيد المركزي وفتح المجال للعمل بنظام التعاقد على الصعيد الجهوي والمحلي.
       الإجهاز على الحركة الانتقالية وتعميم العمل بإعادة الانتشار.
       تجميد الأجور والإجهاز على الحق في الترقية بالأقدمية وبالشواهد الجامعية.
       منع نساء ورجال التعليم من الحق في متابعة الدراسات الجامعية.
       حرمان نساء ورجال التعليم من الحق في اجتياز مباريات ولوج المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين.
       وضع عراقيل في وجه دكاترة التعليم المدرسي لاجتياز مباريات الالتحاق بالتعليم العالي.
       التمديد الإجباري واللاقانوني لعمل ما يقرب من 8 آلاف من نساء ورجال التعليم البالغين سن الإحالة على التقاعد دون استشارتهم.
       الإجهاز على حق نساء ورجال التعليم في التقاعد النسبي والاستيداع الإداري.
       مواصلة السعي لتمرير مشروع البنك الدولي لتخريب نظام التقاعد.
       حرمان الأساتذة غير الحاصلين على الإجازة من الترشح لمناصب الإدارة التربوية.
       الإجهاز على الحق في الإضراب ومصادرة الحريات النقابية.
       مواجهة الاحتجاجات المشروعة والسلمية لمختلف الفئات التعليمية بالتخويف والترهيب وبالانتقام والقمع والاعتقالات وتوقيف الرواتب والمتابعات القضائية والعقوبات الإدارية..
ورغم كل هذه الحصيلة الثقيلة من "المنجزات" غير المسبوقة لمشروع البنك الدولي لـ "إصلاح التعليم" بالمغرب، ورغم فظاعة النزيف الحاد الذي أصاب المالية العمومية جراء عمليات النهب المنظم لميزانية القطاع دونما حسيب أو رقيب والتضحية بمصير أجيال كاملة من بنات وأبناء شعبنا نتيجة تحويل المدرسة المغربية طيلة هذه السنوات إلى مختبر حقيقي للتجريب العبثي لمختلف الوصفات المملاة، رغم هذا وذاك فلا تزال الجهات الوصية على القطاع مستمرة في إدارة ظهرها لمطالب وتطلعات شعبنا، متظاهرة بالفشل وعدم الرضى على ما حققته من نتائج، في محاولة مكشوفة للتنكر لمسؤولياتها الثابتة عن التبعات الوخيمة لاختياراتها المدمِّرة، وذلك بإلقاء اللوم على الفاعلين التربويين البسطاء وتحريك آلة الدعاية والإعلام المأجور في هذا الاتجاه لخدمة هدفين:
من جهة ضمان استمرار مساندة ومباركة الرأي العام لبرنامج الإصلاح النيولبرالي وجعله الخيار الوحيد الممكن والقابل للتنفيذ، ومن جهة ثانية إضفاء طابع المشروعية على كل مظاهر القمع ومصادرة الحريات والحق في الإضراب وإقصاء كل رأي معارض.
أما الدعوات المتكررة على مدار السنتين الأخيرتين من قبل الجهات الوصية على القطاع لعقد مشاورات صورية حول ما سمي بـ "التدابير ذات الأولوية" أو النسخة المحيَّنة للمخطط الاستعجالي فليست سوى محاولة أخرى للالتفاف على النتائج والأرقام الصادمة حول الحصيلة العملية لـ"الإصلاحات" المدمِّرة والتراجع المريع في كل مؤشرات أداء المنظومة التعليمية بالمغرب مقارنة مع باقي بلدان المعمور، وتعبير عن الحاجة الماسة إلى إجماع جديد لتجديد الثقة في مشروع البنك الدولي لتسليع التعليم بالمغرب، ومن ثم الانتقال إلى السرعة القصوى لاستكمال تنفيذ المشاريع المعَدة سلفا ومن طرف واحد والتي تسبب الحراك الشعبي بقيادة 20 فبراير المجيدة في تجميدها وتعطيلها طيلة السنوات الثلاث الماضية.
إلا أن المُلفت والخطير هذه المرة هو المسعى غير الخفي لهذه الجهات لتوريط النقابات التعليمية وجعلها شريكا في العدوان على المدرسة العمومية وعلى ما تبقى من مكاسب تاريخية للشغيلة التعليمية (من خلال إشراكها الشكلي في هذه المشاورات).
وعلى هذا الأساس ومن مُنطلق المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقه، فإن المكتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم - التوجه الديمقراطي- وحرصا منه على ضمان مصداقية العمل النقابي واستقلال النقابة عن الدولة والحكومة والباطرونا والأحزاب، يرى من واجبه المبادرة إلى دق ناقوس الخطر، والتحذير من عواقب التوظيف السياسي للرصيد التاريخي والنضالي للحركة النقابية المغربية لإضفاء الغطاء النقابي على "مشروع تصفوي تخريبي" يستهدف الإقبار التام للمدرسة العمومية بالمغرب.
و في هذا الإطار فإن المكتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم - التوجه الديمقراطي- يدعو كافة القوى الحية بالبلاد من هيئات تعليمية ومنظمات حقوقية وهيئات جمعوية وسياسية وفاعلين تربويين وإعلاميين مستقلين... إلى التفاعل الإيجابي مع هذه الدعوة لتشكيل جبهة اجتماعية موحدة وعريضة لوقف هذا الهجوم وحماية المدرسة العمومية من خطر التفكيك المُعمَّم.
أما من جهتنا فقد خضنا كجامعة وطنية للتعليم توجه ديمقراطي في سبيل الوصول إلى تحقيق هذا الهدف العديد من المحطات النضالية الناجحة آخرها الإضراب الوطني على مستوى القطاع العمومي والمصحوب بمسيرة وطنية ناجحة بالرباط يوم الأربعاء 2 أبريل 2015 وكذا الإضراب الوطني المصحوب بمسيرة وطنية بالرباط يوم الخميس 6 فبراير 2014 كما دعمنا وشاركنا في المسيرة الوطنية العمالية يوم الأحد 6 أبريل 2014 بالدار البيضاء ثم الإضراب العام الوطني الإنذاري ليوم الأربعاء 29 أكتوبر 2014، بالإضافة إلى المساندة الدائمة واللامشروطة لنضالات واحتجاجات كافة الفئات التعليمية المناضلة وطنيا وجهويا وإقليميا.. حاملي الشهادات إجازة وماستر ودكاترة ومساعدين تقنيين وإداريين عرضيين وملحقين ومحررين ومتصرفين والزنزانة 9 ومنشطي التربية وسد الخصاص وأطر التوجيه والتخطيط ومبرزين وخريجي مراكز التكوين وضحايا النظامين 1985 و2003..
وسنظل مستعدين لدعم ومساندة كل تنسيق ميداني يروم الدفاع عن المدرسة العمومية وحقوق منتسبيها وشغيلتها، مهما كلفنا ذلك من تضحيات لأن الصمت كلفنا غاليا ولن يكلفنا النضال ما كلفنا الصمت..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مــواضــيـع أخــــرى