مغرس
في 21 من مارس من سنة 2011 أصدرت
وزارة التربية الوطنية مذكرة تحمل رقم 36 تضع من خلالها أسس الجودة في قطاع
التربية والتكوين.
واليوم تكون قد مرت أربع سنوات على هذه المذكرة، ولا يزال حلم الجودة معلقا على الرغم من كل ما يتم الإعداد له سواء من قبل المجلس الأعلى للتعليم والبحث العلمي، أو ما وضعته وزارة التربية الوطنية من إجراءات استمدت خطوطها العريضة من مذكرة الجودة، التي لم تغفل الحديث عن التعلمات الأساسية والتعليم الأولي وإشكالية اللغة.
واليوم تكون قد مرت أربع سنوات على هذه المذكرة، ولا يزال حلم الجودة معلقا على الرغم من كل ما يتم الإعداد له سواء من قبل المجلس الأعلى للتعليم والبحث العلمي، أو ما وضعته وزارة التربية الوطنية من إجراءات استمدت خطوطها العريضة من مذكرة الجودة، التي لم تغفل الحديث عن التعلمات الأساسية والتعليم الأولي وإشكالية اللغة.
عاد وزير التربية الوطنية والتكوين المهني للتذكير، مرة أخرى، بقضية الجودة التي لا تزال المدرسة المغربية في حاجة إليها.
وشدد رشيد بلمختار، في معرض عرض مشروعه الإصلاحي الذي قدمه أمام المانحين الدوليين في منتصف الأسبوع الماضي، على ضرورة العودة لبعض المشاريع التي حملها المخطط الاستعجالي والتي راهنت على تحقيق الجودة في هذا القطاع.
المثير هو أن العودة للحديث عن الجودة، تزامن مع مرور أربع سنوات على إصدار المذكرة الوزارية رقم 36 والمتعلقة بإرساء نظام الجودة بمنظومة التربية والتكوين في 21 من مارس من سنة 2011 حينما كان المخطط الاستعجالي يسير إلى تنزيل مشاريعه. وهي المذكرة التي توقفت وقتها عند هذا الشق، الذي اعتبرته أساسيا في كل عملية إصلاح.
لقد أعادت المذكرة رقم 36 التنبيه لما حمله الميثاق الوطني للتربية والتكوين في مجاله الثالث. والذي نص على ضرورة الرفع من جودة التربية والتكوين، وضرورة التزام الدولة بالعمل على جعل نظام التربية والتكوين يستجيب لحاجيات الأفراد والمجتمع، وذلك بوضع مرجعيات المناهج والبرامج ومعايير التأطير والجودة في جميع مستويات التربية والتكوين. أما الهدف الأكبر، فهو إعادة صياغة أدوار المدرسة، وجعلها مؤهلة لتحسين جودة التعلمات من خلال اعتماد مقاربات تدبيرية مبنية على مبادئ التعاقد، والشارك، والحكامة الجيدة.
أما لتنزيل كل هذه الأفكار، التي جاء بها المخطط الاستعجالي، والتي عاد وزير التربية الوطنية اليوم لاستنباط بعض أفكارها، فقد وضعت خطة لإرساء نظام الجودة بالمنظومة مبني على رؤية مستقبلية واضحة. وذلك من خلال وضع وحدة مركزية، وأخرى جهوية، وثالثة إقليمية وفق مخطط ممتد من سنة 2010 إلى سنة 2016.
للأسف لم يكتب لهذا المخطط، ولا لمشاريعه أن تسير إلى نهايتها. وعدنا اليوم لكي نستنبط منها بعض الأفكار والإجراءات في أفق تحقيق الجودة المفترضة في قطاع التربية والتكوين.
لقد كان المخطط الاستعجالي لإصلاح منظومة التربية والتكوين قد حمل معه ثلاثة وعشرين مشروعا، وأربعة محاور أساسية. واعتبر أن أكثر المشاريع حساسية في المدرسة المغربية وقتها، هو ما يتعلق بالتعليم الأولي، وتأهيل المؤسسات التعليمية، ثم التعلمات الأساسية، التي ظل المخطط يعتبرها استراتيجية لأنها ستعيد بفضلها للمدرسة دورها الأساسي الذي هو التربية والتعليم.
وتوزعت بقية مشاريع المخطط الاستعجالي إلى توسيع العرض التربوي، وضمان تكافؤ فرص ولوج التعليم الإلزامي، ومحاربة ظاهرة التكرار والانقطاع عن الدراسة، وتنمية مقاربة النوع في المنظومة التربوية، وغيرها من المشاريع ذات الأولوية.
واليوم حينما نعيد قراءة هذه العناوين الكبرى، التي جاء بها المخطط الاستعجالي في 2009، والتي راهن على أن تنجر في أفق 2012، نطرح السؤال عن خلفية فشل بعضها، وإن كانت قد حققت خطوات متقدمة في البعض الآخر. كما نطرح السؤال لماذا توقف هذا المخطط، الذي يبدو أن وزارة التربية والتعليم تعود إليه بشكل تدريجي لأنها وجدت أنه وضع اليد على جل مواطن ضعف منظومتنا التربوية، وتحديدا ما يتعلق بواقع المؤسسات، وقضية التعليم الأولي والتعلمات الأساسية.
يرى وزير التربية الوطنية، وهو يعرض للأفكار الكبرى لمشروعه الإصلاحي أن «على المشروع التربوي الجديد أن يسمح بتغيير المدرسة المغربية لتمنح، بشكل منصف، لكل مواطني الغد تعليما وتكوينا ذا جودة، مرتكزا على القيم والمبادئ العليا للوطن، ولتأهلهم للاستعداد للمستقبل، والانفتاح، والمساهمة الفاعلة في بناء الرأسمال البشري الذي يحتاج إليه الوطن، وكذا الانفتاح على المبادئ الكونية».
غير أن هذه الأهداف الكبرى للإصلاح تحتاج، بحسب المشروع الجديد، لجملة من التدابير ذات الأولوية، والتي جاء من أهم محاورها التحكم في اللغة العربية، والتمكن من التعلمات الأساسية. وهي رهانات تحتاج لاعتماد منهاج جديد للسنوات الأربع الأولى من التعليم الابتدائي. وتحديد عتبات الانتقال بين الأسلاك.
أما التمكن من اللغات الأجنبية، كرهان مستقبلي، فيحتاج إلى تقوية هذه اللغات بالتعليم الثانوي الإعدادي، وتغيير نموذج التعليم، وإرساء المسالك الدولية للباكالوريا المغربية. هذا بالإضافة إلى دمج التعلم العام بالتكوين المهني، وتثمينه من خلال تحديد اكتشاف المهن بالتعليم الابتدائي، وإنشاء المسار المهني بالثانوي الإعدادي، وإرساء الباكالوريا المهنية.
وفي شق الكفاءات والتفتح الذاتي، يدعو الوزير في مخطط الإصلاح إلى إحداث مراكز التفتح للغات والأنشطة الثقافية والفنية والرياضية. مع تشجيع روح المبادرة والمقاولة.
ولن تتحقق كل هذه الرهانات إلا بتحسين العرض التربوي الذي يقترح المشروع الإصلاحي أن يشمل تأهيل المؤسسات التعليمية، وتوسيع العرض التربوي، والاعتماد على المدارس الشريكة، والنهوض بالتعليم الأولي. لذلك كان الدخول المدرسي لهذا السنة قد عرف جملة من المستجدات التي تتماشى مع هذه المبادئ الكبرى للمخطط الإصلاحي.
غير أن كل مشاريع الإصلاح سواء تلك التي حملها المخطط الاستعجالي أو الميثاق الوطني من قبل. أو هذه التي يشتغل عليها اليوم المجلس الأعلى للتعليم والبحث العلمي، أو مشروع الوزارة الإصلاحي، تتوقف عند ثلاث محطات تعتبرها مركزية وهي المتعلقة أولا بالتعليم الأولي، ثم ما يتعلق بالتعلمات الأساسية، والإشكالية اللغوية أخيرا.
فقد أعاد المجلس الأعلى للتعليم والبحث العلمي، خلال إحدى دوراته فتح ملف التعليم الأولي. وسجلت إحدى لجان المجلس، في تداولاتها، ضرورة تحمل الدولة لمسؤولية التدريس الأولي تجاه أبناء المغاربة المتراوحة أعمارهم ما بين 4 و6 سنوات. مبررين ذلك بضرورة تكافؤ الفرص بين تلاميذ القرى والمدن.
ولم يكن مجلس السيد عزيمان خارج النص وهو ينبه لهذا الأمر. فقد سبق أن خص الميثاق الوطني للتربية والتكوين، قضية التعليم الأولي بالاهتمام حينما تحدث على أن تعميم التعليم الأولي يجب أن ينتهي في 2015. وهو الرهان الذي لم يتحقق بالجودة التي كانت منتظرة.
كما كان المخطط الاستعجالي لإصلاح التعليم، قد أعطى لهذا الشق العناية الكبيرة، وخصص له مشروعا من مشاريع المخطط بالنظر للدور الذي يلعبه هذا التعليم، رغم الكثير من الإكراهات التي تعترضه. لذلك عاد الحديث مجددا عن هذه النقطة في مشروع الإصلاح الذي من المقرر أن تدخله المدرسة المغربية، كما وعد بها وزير القطاع، وكما قال المجلس الأعلى للتعليم والبحث العلمي، الذي يسابق الزمن من أجل تقديم تقريره التركيبي.
وقد سبق أن أنجزت وزارة التربية والتعليم دراسة أرادتها أن تكون مرجعا أساسيا لملف التعليم الأولي في المغرب، على اعتبار أنه ظل يحتل دائما مكانة بارزة في كل البرامج المتعلقة بالإصلاحات التعليمية التي تمت حتى الآن. وهي الدراسة التي خلصت في بعض فقراتها إلى أن هذا القطاع لا يزال مجالا للعديد من المبادرات التي يقوم بها متدخلون آخرون من مختلف القطاعات الحكومية، غير وزارة التربية والتعليم. ومن القطاع الخاص. أو من الجمعيات المهتمة، خصوصا وأن نسبة الأطفال الذين يستفيدون من التعليم الأولي بمختلف البنيات المتوفرة، لا تتعدى الثلثين ممن هم في سن ما قبل التمدرس.
تبدو القضايا الكبرى لقطاع حيوي وحساس مثل التربية والتكوين أشبه بقوس قزح. فمن التعليم الأولي إلى التعلمات الأساسية إلى إشكالية اللغة والعرض التربوي. فالرهان الأكبر هو تحقيق الجودة وإعادة رسم صورة جديدة عن المدرسة المغربية التي فقدت في السنوات الأخيرة الكثير من بريقها.
ندوة جهوية حول المقاربات الجديدة في تدريس القراءة بالتعليم الابتدائي
المغرب في الصف الأخير لاختبار «بيرلز» الدولي للقراءة
عبدالقادر كترة
احتضنت قاعة الندوات بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بالجهة الشرقية بوجدة، صباح الاثنين 16 مارس 2015، ندوة جهوية في شأن المقاربات الجديدة في تدريس القراءة بالتعليم الابتدائي – اللغة العربية-» حضرها المفتشون والمكلفون بالإرشاد التربوي إلى جانب ثلة من الباحثين المحليين، تحت إشراف مصطفى أيت بلقاس رئيس قسم الشؤون التربوية بالأكاديمية.
كانت الندوة تهدف إلى توحيد خطة العمل الخاصة بتأطير وتتبع أعمال الأساتذة من خلال العمل على تحليل وضعية القراءة بالمدرسة الابتدائية خصوصا بالجهة الشرقية، وضبط مقاربات تدريس القراءة بالمدرسة الابتدائية، وإيجاد شبكات لتقويم القراءة بحسب المستويات الدراسية وذلك بعد ضبط الكفايات النوعية ومهارات وأهداف التدريس، ومحاولة توفير بنك معلومات قصد الارتقاء بالممارسات بالجهة الشرقية. وقد أكد محمد ديب مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين للجهة الشرقية في كلمته الافتتاحية أنه يعتبر هذه الندوة استثنائية لكونها تؤرخ لعامِلَيْن اثنين، أولهما الحرص المتواصل على الموازاة بين فضاء التدبير الإداري المحض والاشتغال بأمور ديداكتيكية تمس جوهر العملية التعليمية/التعلُّمية، وثانيهما الاستباق المعرفي للتنزيل المنتظر الخاص برؤية 2030، وخصوصا ما يتعلق بالنموذج البيداغوجي الذي يركز على مجموعة من المحاور نحتفظ منها بما يخدم سياق الندوة وهو ما يرتبط مباشرة بالتعلمات الأساس والتحكم في اللغات.
وأضاف المدير في كلمته أن البحث النظري والميداني المتعلق بالقراءة، يحظى على مستوى الكم بالنصيب الأوفر، كما أن الحكم على كفاءة المدرس في اعتقاد الكثير من الباحثين لا تُقاس بقدرته على تدبير مكونات اللغة والتعبير، ولكنها تقاس بمدى تمكنه من النجاح في تصريف الدرس القرائي، إذ يعتبر تمكين المتعلم من الكفاية القرائية مطلبا عسيرا، لا ينهض به إلا قارئ في المستوى، وهذا بحكم الجدل القائم بين التَّمَكُّنِ من القراءة والتَّمَكُّنِ من الإقراء، فلن يكون المقرئ ناجحا إلا إذا كان قارئا ناجحا، فالكفاية القرائية ضالَّةُ كلِّ مشتغلٍ بالتدريس والبحث في تقنياته.
وشدد على أن القراءة هي مفتاح المعرفة ابتداء من الأمر الجبريلي للرسول محمد (ص)(إقرأْ) حيث كان مضمون أول تواصل بينهما يتمحور على فعل القراءة بغض النظر عن طبيعة هذه القراءة ومستواها، فالمطلوب آنَئِذٍ كان القراءة.
وتميزت الندوة الجهوية بتدخل هواري فرعون إطار في التفتيش التربوي الذي قدم ملخصا للندوة الوطنية المنعقدة بتاريخ 20 و21 نونبر 2014 بالرباط، استعرض خلالها التجارب الدولية الخاصة بالمقاربات الجديدة في تدريس القراءة بالتعليم الابتدائي، ثم خلاصات أشغال الورشات حول وضعية تعليم القراءة في المغرب، والطريقة الصوتية والمقاربة الكلية، والمناهج والكتب المدرسية، والتعليم وتكوين المدرس، والتقويم القرائي، ومواد القراءة التكميلية، والأنشطة المساعدة على تطوير القراءة، والخيارات التربوية الفعالة القائمة على الدليل لتحسين نتائج التلاميذ القرائية في المستويات الأساسية.
ثم ركز المتدخل بالشرح والتوضيح المفصلين، على «الوعي الصوتي: وظيفته، أهميته ومهاراته»، حيث عرف الوعي الفونولوجي بامتلاك التلميذ القدرة على تقسيم الجملة إلى كلمات والكلمات إلى مقاطع صوتية والمقاطع إلى أصوات، وبالعكس، امتلاك القدرة على دمج الأصوات لتكوين الكلمات، والقدرة على تمييز التشابه والاختلاف بين هذه الأصوات سواء أكانت منفردة أو ضمن الكلمات ومن هنا تظهر العلاقة الوثيقة بين الوعي الفونولوجي والإدراك السمعي.
فيما تناول عرض حفيظ بوحبة إطار في التفتيش التربوي في المداخلة الثانية، موضوع «تدريس القراءة بالمغرب» استهله بالإشارة إلى التقييمات القرائية وطنيا ودوليا، معتمدا في ذلك على أربع دراسات، الأولى الدراسة الدولية لتطور الكفايات القرائية (بيرلز 2011PIRLS )، والثانية تتعلق بالبرنامج الوطني لتقويم التعلمات PNEA 2008 أجراها المجلس الأعلى للتعليم بشراكة مع وزارة التربية الوطنية سنة 2008 والتي همت 26000 تلميذ و452 مؤسسة تعليمية مع استجواب المدرسين والمديرين والآباء، فهي لم تقتصر على القراءة فقط بل شملت عدة مواد، وقد توصلت الدراسة إلى أن متوسط النقط المحصل عليها في اللغة العربية هي أقل من المعدل (30,71% بالنسبة للرابع ابتدائي، و37,45% بالنسبة للسادس ابتدائي)، والثالثة حول تقويم مهارات القراءة الأساسية EGRA 2011، فيما همت الدراسة الرابعة تحليل المنهاج والكتب المدرسية وحضور القراءة في منهاج تكوين أساتذة التعليم الابتدائي
وتمثلات الأساتذة وممارساتهم داخل الفصل الدراسي.
خميس: سنضطر إلى إغلاق التأهيلي إذا تشبثت الوزارة بمنع الأساتذة من إعطاء الدروس الإضافية
قال إن تلاميذ التعليم الحرّ يتمتعون بمقومات الجودة ويحققون التفوق في الامتحانات الإشهادية
حاوره- عبدالقادر كترة
على هامش الملتقى الجهوي الأول للاتحاد تحت شعار «التعليم الخصوصي إكراهات ورهانات» الذي نظمه اتحاد التعليم والتكوين الحر فرع وجدة، صباح السبت 14 مارس 2015، في إطار تخليد الذكرى الأولى للاحتفال باليوم الوطني الأول للمجتمع المدني، استغلت «المساء» المناسبة لإجراء حوار مع عبد الله خميس رئيس اتحاد التعليم والتكوين الحر بالمغرب حول الوضعية الجديدة على ضوء المتغيرات بالتعليم الخصوصي الذي يفوق عدد مؤسساته التعليمية 4 آلاف مؤسسة خصوصية يستقطب 800 ألف تلميذ يؤطرهم 70 ألف أستاذ.
– في أي إطار تحضرون إلى وجدة؟
حضورنا يندرج في إطار المشاركة مع زملائنا في فرع وجدة في هذا اليوم التواصلي بهدف مناقشة مجموعة من القضايا التي تهم هذا القطاع، إضافة على صلة الرحم مع إخواننا في هذا الفرع القديم والقديم جدا.
- وما هي وضعية التعليم الحرّ بالمغرب في ظل نسبة 10 في المائة بعد عجزه بلوغ نسبة 20 في المائة المحددة في أفق 2010؟
إن بعض الأشخاص يُنظِّرون داخل مكاتبهم، ويتحدثون عن نسب 20 و30 في المائة دون معرفتهم بواقع التعليم الحرّ وطبيعته، حيث يشتغل تحت إكراهين، إكراه الجودة مع العلم أن الجودة مكلفة وإكراه تواجده على خريطة المغرب.
الجودة مكلفة حيث عدد التلاميذ في الفصل لا يتجاوز حدّا مقبولا في ظل قدرة شرائية لا تسمح للمواطن بتأدية واجب يتجاوز نسبة معينة من مدخوله، ولن ننعم بذلك الازدهار الذي كنا ننشده، أعني الازدهار المادي حتى أكون واضحا.
أما في ما يخص الازدهار التربوي فهو مضمون، لأن مسؤولي وأطر التعليم الحرّ دائمو البحث لأنهم يبحثون عن الجديد وعن الطرائق الفعالة لبلوغ الجودة، إذن يصعب استقطاب أغلبية المغاربة ويصعب في الوقت نفسه توسيع العرض التربوي الذي نبتغيه. ونسبة 10 في المائة مؤشر جيّد جدا، حيث نسبة هؤلاء التلاميذ تتمتع كلّيا أو جزئيا بمقومات الجودة، حيث يحققون التفوق في الامتحانات الإشهادية، وهو مؤشر قوي.
من جهة أخرى، الجودة تقتضي أن يتوفر كلّ مريد للتعليم الحرّ على حصيلة ورصيد معرفي حتى يتمكن من مسايرته بسهولة، وهذا يفرض محدودية عدد الملتحقين بالتعليم الحرّ، وهو ما يعتبر أحد معيقات انتشاره.
- وما هي الإكراهات التي نتجت عن مقرر الوزارة بمنع أساتذة التعليم العمومي إعطاء دروس إضافية بالتعليم الحرّ؟
تلك عوامل أخرى انضافت إلى معاناة التعليم الحرّ حيث إن مقرر منع أساتذة التعليم العمومي إعطاء دروس خصوصية بالتعليم الخصوصي ترتبت عنه آثار وانعكاسات، بحيث نعتبر هؤلاء قطاع غيار نتحرك بها خاصة في التعليم التأهيلي، ويصعب علينا الاشتغال بالأطقم التي نكونها ونتوفر عليها، لأن التعليم التأهيلي يتطلب نوعا من التخصصات وهو الوضع الذي يعرقل مسيرته ويمنعه من التطور بوتيرة أسرع، ورغم ذلك فإنه يسير ببطء لكن بنتائج جيدة.
تحدثتم عن إغلاق السلك التأهيلي. هل يمكن أن نعتبر هذا الأمر تهديدا؟
لا. لم نهدد بإغلاق السلك التأهيلي، لكن ذلك تحصيل حاصل. إذا رحل الأستاذ ولم نجد بديلا له، يؤدي ذلك حتما إلى إغلاق الشعبة وعلى الوزارة أن تتحمل مسؤولياتها لأنها هي الوصية على التربية والتعليم في المغرب.
- نحن نقول بأننا نقدم نماذج من الجودة ونساعد على بلوغ مستوى معين، في الوقت الذي تضع الدولة في طريقنا العراقيل بدل دعمنا ومساعدتنا، فماذا سنعمل؟
إضافة إلى هذا، قامت الوزارة الوصية، خلال السنوات الأخيرة، بإدماج مجموعة من الأساتذة الذين كانوا يشتغلون بالتعليم الحرّ ويتوفرون على أكثر من 12 سنة من التدريس والتجربة، في المنظومة التعليمية بدون مباراة وكان ذلك خرقا للقانون. ولولا الوازع الوطني لما تمكنا من الاستمرار ولا العيش في هذه الأجواء، لكن ما هو مؤكد أننا سنضطر إلى إغلاق التأهيلي.
- وماذا عن ملف الضرائب. كيف تدبرون هذا الأمر؟
هذا المشكل انتهى بصفة نهائية منذ سنة 2006، ونحن نؤديها مثلما تؤديها أي شركة أو مقاولة والفاعلون التجاريون.
- وهل تنتظرون دعما من الدولة لمواصلة واجبكم ومهامكم؟
لا نريد دعما من أي أحد. نريد فقط أن يبتعد عنا هؤلاء الذين يريدون عرقلة مسيرة التعليم الحرّ، وهنا شيء يقال وشيء لا نستطيع البوح به، لأننا مسلحون بالغيرة عن بلادنا ووطننا ولا نرغب في الإدلاء بتصريحات قد توصف بالتشويش.
- ما هي آفاق التعليم الحرّ في ظلّ هذه المتغيرات؟
نحن سنجلس على طاولة الحوار ونرى إن كانت الوزارة الوصية لا زالت متشبثة برأيها وقراراتها، وسنتخذ على ضوء ذلك موقفا، سيكون مضادا في حالة تشبث الوزارة بمقررها وانتهى الأمر، على أساس خلق بدائل جديدة. وكان لي دائما موقف في هذا الصدد حيث كنت أردد للزملاء أن «المغطي بديال الناس عريان».
ونحن وأقولها بصراحة، متأكدون من أن الوضعية لن تتغير، مع العلم أن ليس هناك أكثر من 3 أو 4 في المائة من أساتذة التعليم العمومي يعطون دروسا إضافية في التعليم الحرّ، لكن سيعملون على تأزيم وضعيته فقط.
- وما هي مطالب التعليم الحرّ حتى يستمر في رسالته في أجواء ملائمة؟
ليس لدينا مطالب لدى الوزارة. نقدم عرضا من جودة عالية ونمنح ما بين 200 درهم إلى 500 درهم في الساعة في بعض الشعب للأستاذ لتشجيعه، كما أهّلنا العديد من الأطر من المدرسين ووفرنا لهم الوسائل البيداغوجية والمراجع التربوية ومنحناهم المنهجية للوصول إلى النجاح. لكن سنعمل، على ضوء الأوضاع الحالية والمتغيرات الجديدة، على الاكتفاء بأطرنا وتأهيلها وحتى إن احتاجتهم الوزارة الوصية فلا بأس من أخذها لأنها ستدرس أبناء المغاربة الذين هم أبناؤنا.
- وما هي الرسالة التي يمكن توجيهها للوزارة، أو لجمعيات أباء التلاميذ وأرباب المدارس الخصوصية؟
على الإخوان الزملاء أن يضاعفوا الجهود ويرفقوا بجيوب الآباء ويراعوا الوضعية الاقتصادية للمواطن المغربي الذي يحب العلم ويعمل على تأهيل أبنائه، ويقطعوا الطريق على المشوشين والخائضين في المياه العكرة للاصطياد فيها. ولا بدّ من التأكيد على أن أغلبية الشركاء في هذا القطاع شرفاء وأصحاب نخوة، ويأملون في الدفع بأبنائهم إلى مدارس الهندسة وكليات الطب...، كما لا بدّ من التذكير أن التعليم الحرّ يحافظ على المنظومة التربوية التعليمية المغربية ولا نفكر في إحداث منظومة بديلة رغم أن ذلك من حقّنا.
كما لا يفوتني التذكير بأن عدد مؤسسات التعليم الحرّ يفوق 4 آلاف مؤسسة خصوصية تحتضن 800 آلاف تلميذ يؤطرهم 70 ألف أستاذ، مع الإشارة إلى أن العديد من المؤسسات تتوفر على جميع الأسلاك، كما أن عدد التلاميذ بها قليل بالنظر إلى قلة الحجرات والعدد المناسب بالفصل الذي لا يتجاوز في أغلب الأحيان ال25 تلميذا، وهذا من الحوافز التي تقنع الأسر وتستقطب التلاميذ، إضافة إلى خضوع بناية المؤسسة للمعايير الدولية حيث غالبا ما يستثمر فيها الملايير من السنتيمات.
نقابات بالخميسات تكشف الخروقات التي شابت جمع جمعية التعاون المدرسي
بنعيادة الحسن
أكد بيان مشترك صادر عن أربع نقابات – الجامعة الوطنية للتعليم (ا.م.ش) والجامعة الوطنية لموظفي التعليم (ا.و.ش.م) والنقابة الوطنية للتعليم(ف.د.ش) والكونفدرالية العامة للشغل؛ عقب اجتماع يوم الأحد 15 مارس 2015 – أنها تابعت وباستنكار شديد جملة من الخروقات التي شابت جل مراحل الجمع العام العادي لتجديد المكتب الإقليمي لجمعية تنمية التعاون المدرسي والواردة عليها من طرف مجموعة من المؤتمرات والمؤتمرين، والمتمثلة في عدم احترام الآجال القانونية لتبليغ دعوات الحضور والمحددة في 15 يوما قبل انعقاد الجمع العام، إذ لم يتوصل البعض بالدعوة إلا قبل 48 ساعة من انعقاده. وعدم إرفاق دعوة الحضور للجمع العام بالتقريرين المالي والأدبي مفصلين، بالإضافة وجود خرق قانوني متعلق بصفة منشط إحدى المؤسسات التعليمية الابتدائية الذي يوجد في حالة التنافي مع القانون الأساسي لجمعية تنمية التعاون المدرسي، كونه متفرغ نقابي لا يزاول مهمة التدريس.
وأضاف البيان ذاته الذي وزع على نطاق واسع أن رئاسة المؤتمر قفزت وشوشت على الخلاصات الأولية للجنة المكلفة بضبط لائحة المؤتمرين – التي لا تمنح صفة مؤتمر من عدمه – وذلك بعدم إخضاعها للنقاش العام وعرضها على التصويت مباشرة بالإضافة إلى غياب مقررين للجمع العام من أجل توثيق أشغاله.
وشدد البيان على أن المكاتب النقابية إذ تقف على هذه الخروقات تعلن إدانتها الشديدة للخروقات التي شابت هذا الجمع العام، ورفضها للنتائج المترتبة عنه. مطالبة الجهات المسؤولة بفتح تحقيق موضوعي ونزيه وغير متحيز في شأن هذه الخروقات. ثم إخضاع مالية الجمعية لتدقيق محاسباتي وربط المسؤولية بالمحاسبة قبل أن تحمل المسؤولية للجهات المعنية إقليميا وجهويا ووطنيا.
وفي ختام بيانها أكدت النقابات الأربع استعدادها لخوض جميع الأشكال النضالية المشروعة من أجل تخليق العمل التعاوني والالتزام التام بالقوانين المنظمة وجعل مصلحة المتعاونين الصغار فوق كل اعتبار.
الشغيلة التعليمية تندد بالأوضاع بتاوريرت
المساء
وجه المكتب الإقليمي للجامعة الوطنية لموظفي التعليم المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، المجتمع الجمعة الماضية، في إطار لقاءاته العادية، تحية تقدير للشغيلة التعليمية بالإقليم، وخاصة للمرأة النقابية وكافة نساء المغرب بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، كما استعرض بالمناسبة الوضع التربوي بالإقليم.
بيان النقابة الصادر بالمناسبة سجل استمرار تردي الوضع التربوي بالإقليم وتفاقمه، وارتباك وعدم وضوح الرؤية والتماطل غير المفهوم للحسم في العديد من القضايا التي تهم الشغيلة التعليمية، وغياب مقاربة تشاركية حقيقية، والانفراد باتخاذ قرارات ساهمت في تأجيج الاحتقان في صفوف الشغيلة بالإقليم، وغض الطرف عن الخروقات اليومية (مكافأة أستاذ مثير للجدل بالسماح بنقل تلاميذه من فرعية إلى أخرى عبر وسيلة نقل غير مرخص لها وبقائه دون عمل- تكليف أستاذ للتعليم الابتدائي بتدريس مادة الفرنسية بثانوية إعدادية مع وجود أستاذة للمادة في وضعية فائض – خرق مقتضيات المذكرة المنظمة من خلال التكليف بأكثر من مهمة مما يترتب عنه عدم الالتزام بالمسؤولية الأصلية – ازدواجية المعايير بالضم في مؤسسات دون أخرى …)، والتدبير العشوائي وغير المسؤول لملف الإطعام المدرسي، مما يهدد صحة وسلامة المتعلمات والمتعلمين، وتكريس ظاهرة الموظفين الأشباح في إطار الريع النقابي والسياسي ( ثانوية صلاح الدين الأيوبي – م.م عمار بن ياسر…).
وبناء عليه، طالب المكتب الإقليمي للجامعة الوطنية لموظفي التعليم فتح حوار جاد ومسؤول لحل مشاكل الشغيلة التعليمية، ووقف شخصنة التعاطي مع القضاياها العادلة والملحة، والترفع عن سياسة المحاباة والإرضاءات خدمة لأجندة نقابية وسياسية معينة، والتعجيل بإرجاع ضحايا الطرد التعسفي من المكلفين بحراسة بعض المؤسسات التعليمية بمدينة تاوريرت إلى مناصبهم، مع ضرورة احترام بنود قانون الشغل في شأن العقود المبرمة مع شركات الحراسة والنظافة، والتسريع بفتح تحقيق حول الوضعية القانونية لبعض المؤسسات التعليمية وسوء تدبير أخرى ( الثانوية التأهيلية المرينيين، تعيين طاقم إداري وتربوي للثانوية الإعدادية السلام دون وجود للبناية على أرض الواقع، المدرسة الجماعاتية تشرفي…).
بيان النقابة عبر عن الرفض المطلق لنتائج التكليف بالحراسة العامة والمحسومة سلفا، والتنديد بالارتجال الذي شاب هذا الملف، واعتماد صيغ توقيت عمل تراعي كلا من مصلحة المتعلم وخصوصيات محيطه، وحاجة الأستاذ إلى الاشتغال في الحد الأدنى من الظروف الملائمة، وشجب الاحتقان الحاصل في العديد من المؤسسات التعليمية بالإقليم وخاصة المكتظة منها.
سوء فهم أسئلة القراءة
إبراهيم العدراوي -باحث تربوي
تنشأ لدينا، في المجال التعليمي التعلمي، الكثير من الاختلالات التي تبدو صغيرة، لكنها أشبه بالسوس الذي يبدأ قزما وينتهي عملاقا. ولعل المشاكل المهنية، ومنها تكوين المدرسين، واحد من واجهات تصويب الكثير من مشاكل العرض التربوي. ولهذا نتوقف في هذه الورقة عند واحدة من ألد أعداء التواصل بين المتعلم والمدرس، والمتعلم والكتاب المدرسي. فهنا تقيم مشاكل لا تؤثر فقط على المتعلم أثناء وجوده بالمدرسة بل تمتد لتترك آثارا على ميادين أخرى تواصلية يكون فيها حسن الوصول إلى المعلومة جزءا من كينونة الفرد وتقرير مصيره ؛ نعني عدم قدرة كثير من التلاميذ المغاربة على فهم المكتوب.
فقد نشرت الجرائد الوطنية تقارير عن دراسة أنجزتها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تفيد أن التلميذ المغربي، في السنة الثانية والثالثة، يجد صعوبة في القراءة، بل إن 32 % من تلاميذ السنة الثانية ابتدائي لا يستطيعون قراءة نص بصوت مرتفع. وأشارت الدراسة نفسها إلى أن 62 % من تلاميذ المستوى نفسه لا يستوعبون أسئلة النص المكتوب الذي يقترحه عليهم الكتاب المدرسي، وهو الرقم الذي يتراجع من بين صفوف تلاميذ السنة الثالثة ابتدائي، إذ يصل إلى 39 %.
وبغض النظر عن تفاصيل هذه الدراسة، في ما يتعلق بمشكل القراءة الجهرية، نفسها إلا أن الحل هو تعليم القراءة. ويهمنا في هذا الورقة تسليط الضوء على إشكالية فهم الأسئلة القرائية الكتابية.
يقضي التلاميذ في المدرسة الابتدائية، وحتى في السلك الإعدادي وقتا طويلا في الإجابة على الأسئلة المرفقة بالنصوص القرائية، وهي طريقة تعتمد غالبا على الحوار العمودي بين المدرس والمتعلم، أو من خلال مطالبتهم بتحضير أسئلة الإعداد القبلي، ولكنهم في النهاية لا يستطيعون الجواب على الأسئلة التي تعد برهنة مدرسية على فهم المقروء؛
السؤال المطروح هو: هل تعلَّمَ التلاميذ كيفية الإجابة على أسئلة فهم المقروء كتابيا؟
إن الدراسة المشار إليها أعلاه، ليست هي الأولى التي تشير إلى المشكل، بل سبقتها الدراسة الدولية في القراءة «بيرلز»، التي كشفت عن ضعف مردودية المتعلمين المغاربة في مهارة فهم المقروء الكتابي، واحتلالهم مراتب متأخرة من بين الدول التي شاركت في الاختبار.
أولا: في مشكل الفهم القرائي بشكل عام:
يطرح الفهم بما هو قدرة للقارئ على بناء تمثل ذهني منسجم مع الوضعية التي يثيرها النص المقروء، وفي المدرسة القدرة على إظهار فهمه لما قرأ، إشكالات متعددة على مستوى التدريس، ونادرة هي الدراسات المغربية في مجال الديداكتيك التي تطرقت إليه، وهو اعتقاد سيولد لدى الجميع أن التلاميذ سيفهمون دون أن نعلمهم كيف يفهمون. وحتى عندما نسأل المتعلمين أنفسهم عن فهمهم للنصوص، فإنهم يطلبون منا أن نطرح عليهم أسئلة. وإذا طلبنا منهم أن يعبروا عن ذلك بطريقة أخرى، فإنهم لا يجدون أجوبة أخرى للبرهنة على الفهم، أجوبة من مثل: التحويل أو التعبير بأسلوب شخصي أو التلخيص…وهذا المشكل لا يتوقف هنا، بل يمتد إلى طريقة تقويم الفهم نفسه، فالمدرس والمتعلم لا يستطيعان تحديد مشكلات الفهم، بكل بساطة لأن المدرس إما أنه يلجأ إلى سؤال: هل فهمتم؟ أو يطرح عددا من الأسئلة النمطية التي تعود المتعلمون على تكرار الإجابة عنها، أو عرضها انطلاقا من دفاتر التحضير. وأمام هذه الطرق في التدريس فإن دائرة الاتهامات تولد إجابات مثل: التلاميذ لا يفهمون وهو كلام سائر لدى المدرسين، أما عند التلاميذ فتولد عبارات دالة على العجز»أنا لا أفهم» ،»حتى لو قرأت لن أفهم»، أو يجرمون النص «كلماته صعبة، أفكاره غير واضحة»…
ثانيا: في تمثلات المتعلمين حول الأسئلة المتعلقة بالنص القرائي:
في دراسة نفسية حول الأسئلة المرفقة بالنص القرائي، أجراها باحثون فرنسيون حول تمثلات المتعلمين لهذه الأسئلة ووظيفتها، كشفوا أن المتعلم الصغير يعتقد أن هذه الأسئلة موجودة فقط لاختبار مدى فهمه النص، وهي موجهة للمدرس لكي يوظفها في تقويمه لذلك فهي لا تعنيه إلا من جهة الإجابة عنها.
إن هذا التمثل يفسر جزءا كبيرا من إشكالات فهم الأسئلة القرائية المكتوبة، والذي يظهر في نوعية الإجابات التي يقدمها المتعلمون، فلأنهم تعودوا على قيادة المدرس للأسئلة، فهم يعجزون عن الإجابة عندما يكونون بمفردهم، بل حتى الأسئلة التي يجيبون عنها شفويا لا يستطيعون الإجابة عنها كتابيا؛ وهذه نتيجة طبيعية لطريقة التدريس نفسها، التي تعتمد الإجابة الشفوية على الأسئلة القرائية أساسا للتعلم. هذا الشكل يظهر أيضا عند تغيير صيغة الأسئلة التي تعودوا عليها أو طريقة ترتيبها، فالمتعلمون يعجزون عن الإجابة لأنهم لم يتعلموا مهارة التعامل مع السؤال ودوره الأساسي في عملية الفهم.
ومن تمظهرات سوء التعامل مع سؤال الفهم نوعية القراءة التي يعتمدونها، فهم لا يستطيعون تمييز الأسئلة المباشرة من الأسئلة الضمنية، ما يفسر أن المتعلمين يتركون بعض الأسئلة دون جواب، أو يعيدون قراءة النص كاملا للجواب على سؤال يقتضي إعادة قراءة مقطع محدد في النص.
ثالثا: استراتيجيات الفهم: مهارة تعلم السؤال:
يقضي المتعلمون أغلب الوقت في الإجابة عن الأسئلة، ومن النادر أن نعلمهم كيف يجيبون على الأسئلة. فالاستراتيجيات المتبعة في تدريس الفهم القرائي لا تولي هذه المهارات أهمية تذكر، انطلاقا من سوء فهم حقيقي لدور السؤال في الفهم.
النتيجة التي يمكن ملاحظتها في النصوص القرائية وفي الكتب المدرسية الخاصة بالمتعلمين، أنها تبقى عذراء. فلا نجد تعليما على عناصر الإجابة بالألوان أو تسطيرا بقلم الرصاص، أو تأطيرا لكلمة مفتاح…بل الغريب أن البعض يطلب من المتعلمين أن لا يكتبوا شيئا فوق النص، يعني أنه ينتظر أن يسلم النص معانيه للقارئ دون أن يشتغل عليه، ودون أن يفهمه، وكأن الفهم سيأتيهم من السماء.
لتغيير هذه الممارسات التي تجعل المتعلم لا يفهم الإجابة على الأسئلة، يجب أن نعلمه كيف يجيب على الأسئلة وكيف يضع صنافات لها، وكيف يربطها بالنص، وكيف يحدد نوع القراءة التي تقتضيها، وفي أي جزء من النص يوجد الجواب أو لا يوجد. أي أننا يجب أن نعلم التلاميذ طرق مساءلة النص.
لعبة الإضراب
أحمد امشكح
تستعد المدرسة المغربية لاستحقاق جديد من المقرر أن يدخله رجال ونساء التعليم دفاعا عن قضاياهم الكبرى.
فقد دعت إحدى المركزيات النقابية إلى تنفيذ سلسلة من الوقافت الاحتجاية، وخوض إضراب وطني، وتنظيم مسيرة خلال الأسبوع الأخير من مارس الجاري، وبداية شهر أبريل المقبل.
وعدنا مرة أخرى للعبة شد الحبل في مرحلة حساسة من مراحل السنة الدراسية، التي اقتربت من شوطها الأخير. غير أنها لعبة تعتقد الحكومة أنها ستكسب جولتها من خلال تنفيذ تهديداتها بالإقتطاع من أجور المضربين، كما صنعت في كل المحطات النضالية السابقة.
تقول كل المركزيات النقابية، وغير المركزيات إن الوضع لم يتغير مع حكومة بنكيران التي تسير اليوم إلى سنتها الرابعة. وتؤكد على أن جل الملفات الكبرى لا تزال معلقة سواء تعلق الأمر بتحسين الوضعية المالية، أو بالحركة الانتقالية، أو بظروف العمل. أو ما يتعلق بملف الإصلاح، الذي تنتظره منظومة التربية والتكوين والذي طال أمده. لذلك لا تجد بين الفينة والأخرى غير الإعلان عن غضبها الذي تترجمه من خلال وقفات احتجاجية، أو إضرابات عن العمل.
غير أن حكاية الإضراب عن العمل، الذي كان واحدا من أدوات النضال القوية والتي كانت تفرض على الحكومة، أية حكومة، الجلوس إلى طاولة الحوار، لم تعد تحقق، في الكثير من محطاتها، الهدف سواء عن طريق الشعار المركزي الذي اعتمدته جل الحكومات المتعاقبلة، والذي سارت على نهجه حكومة بنكيران هي الأخرى، وهو «دعه يضرب»، أو من خلال اعتماد ضرب جيوب المضربين حينما تسارع إلى الاقتطاع من أجورهم، وهي تؤكد على أن ذلك هو ترجمة لمبدأ العمل مقابل الأجر. ناسية أن ثمة قانونا يضمنه دستور البلاد اسمه الحق في الإضراب. حق لا تزال الحكومة مترددة في وضع قوانينه التنظيمية لكي يعرف المضرب ما له وما عليه. وهي صيغة ذكية وجدت فيها هذه الحكومة ضالتها لتمارس على المضربين شططها، وتقتطع من أجورهم في محاولة لثنيهم عن خوض هذه المعركة.
غير أن المثير في هذه العملية هو أن تختار جل النقابات الصمت كلما أقدمت الحكومة على الإقتطاع من أجور المضربين، بدلا من أن تختار التصعيد وتفرض على الحكومة الحسم في هذا الأمر. لذلك تابعنا كيف أن محطات الإضراب لم تعد تغري الكثيرين. وهي وضعية تخدم مصالح الحكومة التي تفرض على نساء ورجال التعليم ما تراه مناسبا لها. ولا تخدم مصلحة القطاع الذي يفور بين الفينة والأخرى. وهو ما يؤثر على السير العادي للدراسة، خصوصا حينما تتزامن المعارك مع محطات حساسة في الموسم الدراسي، الذي أضحت نهايته على الأبواب.
حينما نتأمل اليوم كل هذه المدة التي قطعتها المشاورات لإخراج مشروع الإصلاح التربوي المنتظر، سواء تلك التي قادها المجلس الأعلى للتعليم والبحث العلمي، أو التي قادتها وزارة التربية الوطنية، نطرح السؤال كم ضيعنا من الوقت والجهد في قطاع هو في أمس الحاجة لهذا الوقت والجهد؟
لكن كم أخذت وضعية نساء ورجال التعليم، الذين ستوضع على كاهلهم مسؤولية تنزيل مشاريع هذا الإصلاح، من الوقت؟ وهل تداكر أعضاء مجلس عمر عزيمان، ومنظري وزارة رشيد بلمختار في الملفات العالقة حول الحركة الانتقالية، التي لا تزال غير شفافة، وحول الترقيات المعلقة، وحول ظروف العمل في حجرات درس بدون نوافذ ولا أبواب، ومدارس بدون دورات مياه!!
ألا يشعر هؤلاء الذي يرسمون اليوم لمدرستنا المغربية الخطوط العريضة لمستقبلها، بالخجل وهم يقفزون على قضايا بسيطة لا تحتاج لدراسات ولا لأسابيع من التفكير والتأمل، أكثر من حاجتها لشجاعة تعطي لرجال ونساء التعليم ما يستحقون من عناية واهتمام. لأنه بدون هذه العناية وهذا الاهتمام، لن نعدم أن توضع كل مشاريع الإصلاح المنتظرة غدا في الرفوف. وتلك مصيبة أخرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق