علماء النفس المهتمون بمرحلة
الطفولة يؤكدون على أن المعرفة الحقيقية للطفل
تتكون فقط في
جو المحبة, وهذا ما يفرض شكلاً محدداً للعلاقة التي تربط ما بين المعلم والتلميذ
.
فالطفل يحتاج إلى الجو الإنساني كي يتعلم ويبدع وقضية التعليم ترتبط مع التربية تلك التي تحمل بذور التأسيس للسلوكيات الضرورية لبناء الشخصية المتوازنة في المجتمع, من هنا فإن لشكل العلاقة تأثيرها التربوي والتعليمي, فما صفات العلاقة المثالية, وما المؤثرات التي توجهها? ثم ما المعوقات التي تقف حائلاً دون إيجابيتها وما خصائص المعلم اللازمة في هذا السياق..? هذه الأسئلة توجهنا بها إلى أكثر من مدرس وتربوي لهم تجاربهم في المجال التعليمي بالإضافة إلى المرشدة النفسية والاختصاصي الاجتماعي.
ركيزة تعليمية
> البداية كانت مع المدرسة عفاف الأسعد تدريس 28 عاماً فقالت: تتأثر علاقة المعلم بالتلميذ بعوامل متعددة بدءاً من شكله وانتهاء بنطقه ولغته, فآلية التعامل يجب أن تكون في منتهى البساطة,وبعيدة عن التعقيد والتخويف الذي يعيش عبرها الطالب في حالة من الوهم تجاه مدرسه, وطلابي رغم أنني أعاقبهم إلا أنهم يحبونني.. لماذا?
ذلك يعود لطريقتي المرنة وحواري الدائم معهم, وإن عاقبتهم أفهمهم.. لماذا أقيمت تلك العقوبة, واحترم كل ما يطرحونه والنتيجة تتجلى, بأن كل طالب عندي لديه الجرأة على التصريح بأي مشكلة وأي عقبة تواجهه سواء كانت مدرسية أم شخصية, ومن جهة أخرى أحاول ألا يكون الدرس جافاً, إذ أناقشهم في حياتهم اليومية والاجتماعية ومن المعلومات الدرسية أستفيد كي أخلق مقارنات وإسقاطات على الحياة اليومية لأن مهمة التعليم تتجاوز مجرد ضخ المعلومات إلى القضايا التربوية والاجتماعية لإظهار مكامن الخطأ وتنبيه الطلاب للسلبيات الأخرى, إذ يتوجب على المدرس أن يهتم بهذا, لأنه يؤثر بشكل كبير على توجيه الطالب.
فالعلاقة الجيدة تفرضها ضرورة تدريسية وتربوية, إذ لا يمكنني أن أعطي مالم يكن هناك علاقة ثقة مع الطالب, كي أتمكن من الانطلاق منها إلى التأثير في سلوكياتهم, فأعامل كلاً منهم حسب شخصيته وظروفه, وأقنعه عبر الحوار, وإن احتجت للحزم لا أتركه يصل إلى حد القطيعة مع الطالب أو اليأس من التأثير عليه.
فلا يجوز إخراج التلميذ, بل إفهامه بطريقة بعيدة عن التجريح وبالنسبة إلي أنا آخذ الصف الأول وأسير معه إلى صفوف تالية, حتى أبقى ملمة بالتفاصيل التي تحيط بكل طالب, ولابد من القول إن إعداد المدرس الجيد والمتمكن له دوره المهم في إعداد الطلاب ومهمتنا إعداد الإنسان.
تأثير المنهاج
> المدرسة رانية مدرسة أدب عربي تحدثت عن تأثير أسلوب المنهاج فقالت: وإن كان هناك ضرورة للثقة والمحبة والألفة بين المدرس والطالب إلا أنه هناك مشكلة تتأتى من المنهاج الذي يضم المعلومات الكثيرة والمحشوة, إذ تصل التدريبات والأسئلة أحياناً إلى كثافة تفوق العادي, مضافاً إلى كونها لا تزيد من معلومات الطالب والأسئلة تعاد مرة ومرتين بأسلوب مختلف وأحياناً تكرر ولا تضيف للطالب أية معلومات جديدة, كما أن المنهاج لا يتناسب وعدد الحصص المخصصة له وكل هذا من شأنه أن يرهق الطالب والمعلم على حد سواء ويشكل ضغوطاً تؤثر على قدرة المدرس الإلمام والملاحظة والمتابعة لكل طالب وتدريبه, هذه ناحية ومن ناحية أخرى أيضاً هناك عدد الطلاب الزائد في الصف الواحد الذي يؤثر سلباً على العلاقة مثلاً هناك 39 طالباً والحصة 45 دقيقة وكل طالب يتطلب الاهتمام به على حده, وفي هذه الحالة يصعب كثيراً تحقيق ذلك الاهتمام, خصوصاً أن تعليم البرنامج الحديث يتطلب أن يكون 12 طالباً فقط في الحلقة.
مستلزمات التعليم الأساسي
> الأستاذ أحمد ابراهيم مدير مدرسة الشهيد أحمد خضر محمد قال: للجهاز الإداري أهمية في نسج العلاقة الإيجابية بين المعلمين وتلامذتهم ثم رعاية الطلبة بالشكل الجيد لتوفير حاجات التلاميذ من الوسائل التعليمية والانتباه إلى إيجاد العلاقة الجيدة بين المعلم وتلميذه, حتى لا يؤثر على تحصيله الدراسي وتتدخل في هذا الجانب عدة عوامل نترك أثرها السلبي, حيث إننا نعاني في بعض الأحيان من تجزئة نصاب المدرسين ما يشتتهم بين أكثر من مدرسة, ويرهقهم فيؤثر على عطائهم وأدائهم, ثم حصر تدريس الحلقة الثانية من التعليم الأساس بالمدرس الأكاديمي الذي يحمل الإجازة فقط ما يخلق بعض العثرات, كونه لدينا الكادر التدريسي الذي يملك الكفاءة والخبرة رغم أنه غير مجاز والذي سبق له التدريس بالمرحلة نفسها فلدينا بعض المدرسين الذين يعملون في العمل التعليمي لأكثر من ثلاثين سنة فلماذا لا يجوز لهم كمعلمين أن يدرسوا حلقة ثانية, في الوقت الذي نفتقر فيه إلى المدرس المختص, حيث لم يتوافر الأكاديمي للحلقة الثانية في معظم الأحيان, فالأطفال هم بناة المستقبل والحياة وعلينا أن نحشد طاقاتنا لتوجيههم الوجهة الصحيحة وتأمين ما أمكن من الظروف السليمة لهذا الهدف, خصوصا أن التعليم يتأثر بأمور عديدة تبدأ من الكتاب إلى المنهاج والمدرس, هذا وإن تجربة التعليم الأساسي تحتاج إلى الكثير من المستلزمات والتخطيط الأكثر دقة و دراسة في الاتجاهات المتعددة والظروف التي تناسبها ثم تزويد المدارس بالوسائل التعليمية والإيضاحية اللازمة والأجهزة المتنوعة من الحاسوب إلى التلفزيون وأجهزة الإسقاط بالإضافة إلى السبورات الضوئية, فهذه الوسائل ضرورية كي يتعلم الطالب بالشكل الأمثل, ويجرب بنفسه المعلومات النظرية التي عرفها, ومن جهة أخرى علينا ألا ننسى الاهتمام بالوضع المادي للمدرس كي لا يشعر بالعوز ويتأثر أداؤه وعمله حيث في أحيان كثيرة تبقى بعض التعويضات لأكثر من سنة دون أن تصرف, وهذه الجوانب لا يستهان بها, وتترك أثرها على المدرس وتعامله واهتمامه بطلابه.
المرشدة النفسية
> أما المرشدة النفسية فاديا العلي قدمت رأيا في العلاقة بين التلميذ والطالب موضحة أهميتها في التحصيل الدراسي وتنشئته فقالت:خلال المدة الزمنية التي يقضيها المعلم مع تلامذته داخل المدرسة تظهر علاقة تتأرجح بين الحب والتقدير والاحترام وبين الخوف والرهبة, فالمعلم بما يتمتع من صفات شخصية وخلقية تؤثر في التلميذ إما سلبا أو إيجابا, وكلما كان المعلم متفهما لظروف التلميذ الاجتماعية والصحية والنفسية والقدرات العقلية كلما كان أبدع في إنجاح العمل التربوي والعملية التعليمية وكلما كان المعلم مرنا متساهلا حينا وحازما في أحيان أخرى كلما كان أقدر على ردم الهوة التي أساسها الخوف عند التلميذ.
ومن واجب المعلم التمكن من المادة والبحث في المنهاج المدرسي جيدا وتنمية وتغذية المادة التي يعلمها مع ابتكار الأساليب والتنويع في طرق ووسائل عرض المعلومة العلمية وتقريبها بأسلوب ممتع وشيق لجذب التلميذ إليها, والخصائص اللازمة للمعلم كي تكون العلاقة إيجابية ما بين الطالب والمعلم هو أن يكون المدرس ذكيا ونبيها ومحبا لعمله ويبدع وسائل متعددة للحوار مع تلامذته وأن يكون مربيا قبل أن يكون معلما, فالعلاقة المحببة تتطلب من المدرس آلية تعامل وسلوكيات يرسخها حتى يخلق الثقة التي تمنح التلميذ الجو الآمن والمستقر, وتكون صورة المعلم في أذهان التلاميذ أنه يساعدهم على حل مشكلاتهم, ولا يضربهم أو يعاقبهم بقسوة, لا يتهكم أو يشعرهم بالمذلة أمام أقرانهم, وإلا فإن الطالب يستاء ويرفض المدرسة والمعلم, كما يتأثر التلميذ بمظاهر مختلفة لمدرسه وقد يتأثر بكونه مرتبا وحريصا على هندامه أو أنه يشرح الدرس بطريقة جميلة وسلسة وتدريجية لأنه يهتم بأمره ويسأل عنه وقد لا يرغب الطالب برؤية مدرسه إذا كان قاسيا ويشتمه بطريقة مزعجة أو يسخر من شكله أو كلامه عندئذ يرفض الطالب الاستماع إلى الدرس ويشعر بالغربة نتيجة أسلوب المعلم.
ولكي نبني جيلا سليما معافى نفسيا واجتماعيا علينا اختيار المعلم الكفؤ والمحب للعمل التربوي التعليمي وأن يسعى هذا المعلم لبناء علاقة اجتماعية وتعليمية متوازنة مع تلاميذه وضروري أن يتحلى بالصبر والحلم والذكاء ثم الحزم وقوة الشخصية وعليه أن يكون مرنا متسامحا عطوفا, متزودا بالمعرفة التي يغرسها في نفوس تلامذته بأفضل الطرق وأنجح الأساليب التربوية التي تشعر الطالب بالراحة النفسية كي يتقبل دروسه ويتفاعل بالشكل الإيجابي الذي يعود على تحصيله الدراسي وتنشئته بالشكل السليم.
خصائص المعلم
> أهم الأسس الواجب توفرها في خصائص المعلم تحدثت عنها الدكتورة حنان هلسا قائلة:عدا الشخصية الجاذبة يجب أن يكون ذلك المعلم على مستوى عال من الثقافة العامة الضرورية لكل معلم, وتعني الثقافة الإنسانية الواسعة التي تهيىء للمرء أسباب مؤالفة الحياة الاجتماعية ومؤالفة القيم الروحية, والثقافة العامة تمكنه من إدراك ما يترتب على عمله من مسؤولية تجاه المستقبل, وتساعده في إدراك القيم الخلقية والمبادىء العلمية والمفاهيم الفنية وطبيعة المؤسسات, فتمكنه من اختيار السبل الصحيحة في التعامل مع كل أمور الحياة وتوصيلها بأمانة للطلاب الذين يتعرفون على العالم من خلال المعلم خاصة في المراحل الأولى من حياة التلميذ.
من جهة ثانية على المعلم أن يكون ملما بالثقافة المهنية التي تشتمل على علم النفس والتربية والتدريب العملي على مجموعة منتقاة من المواد المفيدة للمعلم كالمنطق وعلم الاجتماع وعلم الاقتصاد وعلم الصحة وعلم النفس الخاص بالطفولة والمراهقة وعلم الاجتماع التربوي, عدا التخصص العلمي الدقيق في أي مادة, والإعداد المهني وإن اختلفت مدته وتنوعت أساليبه, ويجب أن يشتمل على إعداد نفسي وتربوي واجتماعي معا, فالثقافة المهنية ضرورية للمعلم من أجل الوقوف على القدرات العقلية والتحصيل الدراسي للمتفوقين وبطيئي التعلم, للتمييز بين قدرات الطلبة وما يثبت حسن استعدادهم وأهليتهم والتثبت من مهارتهم, دون إغفال الالمام بمادته الاختصاصية ومتابعة ما يجري من تطور في الأبحاث العلمية عن طريق الدورات التأهيلية لأن أهم ما يميز المعلم المتجدد المطالعة والمتابعة العلمية ثم حرصه على إيصال المعلومة الصحيحة والمتطورة والحديثة لطلبته ولا بد من الإشارة إلى أهمية التمسك بوظيفة العلم في بناء الشعوب وتحديد ذاتها, إضافة إلى أن الديمقراطية تتطلب من المعلم أن ينمي في نفسه صفتين مختلفتين في المظهر متفقين في الجوهر وهما الإيمان بالحرية الفردية والإيمان بضرورة التعاون الاجتماعي, فهما ضروريتان لكل مواطن مستنير, فالأولى تعزز الانطلاق والاستقلال والتجدد والثانية تشجع التعاون الاجتماعي والحياة المشتركة, والمعلم يجب أن تتوفر لديه القدرة على القيادة الجماعية التي من أهم ميزاتها احترام الآخر كما هو وإيجاد ثقة متبادلة بين الطلبة والمدرس ما يساعد على تعزيز انتماء الطلاب للوطن والقيم الاجتماعية, ومن خلال تمكن المدرس من الإدارة الصفية الناجحة فإنه يستطيع التعرف على القدرات الفردية للطلبة وتنميتها حتى في ظل التكنولوجيا المتطورة, فيحولها إلى عمل جماعي أيضا, وهذه الخصائص من الضروري توافرها عند المعلم, كي يساهم في إنشاء جيل متطور وقادر على التكيف مع معطيات التكولوجيا يشارك في صناعتها وإنتاجها وليس التكيف على الطريقة البراغماتية النفعية, كي نتمكن من ترسيخ ثقافتنا في ظل سيطرة ثقافة الآخر الأقوى, فتكون تلك الأجيال على مستوى التحدي لثقافة العولمة التي تصل إلى التربية والتعليم.
.
فالطفل يحتاج إلى الجو الإنساني كي يتعلم ويبدع وقضية التعليم ترتبط مع التربية تلك التي تحمل بذور التأسيس للسلوكيات الضرورية لبناء الشخصية المتوازنة في المجتمع, من هنا فإن لشكل العلاقة تأثيرها التربوي والتعليمي, فما صفات العلاقة المثالية, وما المؤثرات التي توجهها? ثم ما المعوقات التي تقف حائلاً دون إيجابيتها وما خصائص المعلم اللازمة في هذا السياق..? هذه الأسئلة توجهنا بها إلى أكثر من مدرس وتربوي لهم تجاربهم في المجال التعليمي بالإضافة إلى المرشدة النفسية والاختصاصي الاجتماعي.
ركيزة تعليمية
> البداية كانت مع المدرسة عفاف الأسعد تدريس 28 عاماً فقالت: تتأثر علاقة المعلم بالتلميذ بعوامل متعددة بدءاً من شكله وانتهاء بنطقه ولغته, فآلية التعامل يجب أن تكون في منتهى البساطة,وبعيدة عن التعقيد والتخويف الذي يعيش عبرها الطالب في حالة من الوهم تجاه مدرسه, وطلابي رغم أنني أعاقبهم إلا أنهم يحبونني.. لماذا?
ذلك يعود لطريقتي المرنة وحواري الدائم معهم, وإن عاقبتهم أفهمهم.. لماذا أقيمت تلك العقوبة, واحترم كل ما يطرحونه والنتيجة تتجلى, بأن كل طالب عندي لديه الجرأة على التصريح بأي مشكلة وأي عقبة تواجهه سواء كانت مدرسية أم شخصية, ومن جهة أخرى أحاول ألا يكون الدرس جافاً, إذ أناقشهم في حياتهم اليومية والاجتماعية ومن المعلومات الدرسية أستفيد كي أخلق مقارنات وإسقاطات على الحياة اليومية لأن مهمة التعليم تتجاوز مجرد ضخ المعلومات إلى القضايا التربوية والاجتماعية لإظهار مكامن الخطأ وتنبيه الطلاب للسلبيات الأخرى, إذ يتوجب على المدرس أن يهتم بهذا, لأنه يؤثر بشكل كبير على توجيه الطالب.
فالعلاقة الجيدة تفرضها ضرورة تدريسية وتربوية, إذ لا يمكنني أن أعطي مالم يكن هناك علاقة ثقة مع الطالب, كي أتمكن من الانطلاق منها إلى التأثير في سلوكياتهم, فأعامل كلاً منهم حسب شخصيته وظروفه, وأقنعه عبر الحوار, وإن احتجت للحزم لا أتركه يصل إلى حد القطيعة مع الطالب أو اليأس من التأثير عليه.
فلا يجوز إخراج التلميذ, بل إفهامه بطريقة بعيدة عن التجريح وبالنسبة إلي أنا آخذ الصف الأول وأسير معه إلى صفوف تالية, حتى أبقى ملمة بالتفاصيل التي تحيط بكل طالب, ولابد من القول إن إعداد المدرس الجيد والمتمكن له دوره المهم في إعداد الطلاب ومهمتنا إعداد الإنسان.
تأثير المنهاج
> المدرسة رانية مدرسة أدب عربي تحدثت عن تأثير أسلوب المنهاج فقالت: وإن كان هناك ضرورة للثقة والمحبة والألفة بين المدرس والطالب إلا أنه هناك مشكلة تتأتى من المنهاج الذي يضم المعلومات الكثيرة والمحشوة, إذ تصل التدريبات والأسئلة أحياناً إلى كثافة تفوق العادي, مضافاً إلى كونها لا تزيد من معلومات الطالب والأسئلة تعاد مرة ومرتين بأسلوب مختلف وأحياناً تكرر ولا تضيف للطالب أية معلومات جديدة, كما أن المنهاج لا يتناسب وعدد الحصص المخصصة له وكل هذا من شأنه أن يرهق الطالب والمعلم على حد سواء ويشكل ضغوطاً تؤثر على قدرة المدرس الإلمام والملاحظة والمتابعة لكل طالب وتدريبه, هذه ناحية ومن ناحية أخرى أيضاً هناك عدد الطلاب الزائد في الصف الواحد الذي يؤثر سلباً على العلاقة مثلاً هناك 39 طالباً والحصة 45 دقيقة وكل طالب يتطلب الاهتمام به على حده, وفي هذه الحالة يصعب كثيراً تحقيق ذلك الاهتمام, خصوصاً أن تعليم البرنامج الحديث يتطلب أن يكون 12 طالباً فقط في الحلقة.
مستلزمات التعليم الأساسي
> الأستاذ أحمد ابراهيم مدير مدرسة الشهيد أحمد خضر محمد قال: للجهاز الإداري أهمية في نسج العلاقة الإيجابية بين المعلمين وتلامذتهم ثم رعاية الطلبة بالشكل الجيد لتوفير حاجات التلاميذ من الوسائل التعليمية والانتباه إلى إيجاد العلاقة الجيدة بين المعلم وتلميذه, حتى لا يؤثر على تحصيله الدراسي وتتدخل في هذا الجانب عدة عوامل نترك أثرها السلبي, حيث إننا نعاني في بعض الأحيان من تجزئة نصاب المدرسين ما يشتتهم بين أكثر من مدرسة, ويرهقهم فيؤثر على عطائهم وأدائهم, ثم حصر تدريس الحلقة الثانية من التعليم الأساس بالمدرس الأكاديمي الذي يحمل الإجازة فقط ما يخلق بعض العثرات, كونه لدينا الكادر التدريسي الذي يملك الكفاءة والخبرة رغم أنه غير مجاز والذي سبق له التدريس بالمرحلة نفسها فلدينا بعض المدرسين الذين يعملون في العمل التعليمي لأكثر من ثلاثين سنة فلماذا لا يجوز لهم كمعلمين أن يدرسوا حلقة ثانية, في الوقت الذي نفتقر فيه إلى المدرس المختص, حيث لم يتوافر الأكاديمي للحلقة الثانية في معظم الأحيان, فالأطفال هم بناة المستقبل والحياة وعلينا أن نحشد طاقاتنا لتوجيههم الوجهة الصحيحة وتأمين ما أمكن من الظروف السليمة لهذا الهدف, خصوصا أن التعليم يتأثر بأمور عديدة تبدأ من الكتاب إلى المنهاج والمدرس, هذا وإن تجربة التعليم الأساسي تحتاج إلى الكثير من المستلزمات والتخطيط الأكثر دقة و دراسة في الاتجاهات المتعددة والظروف التي تناسبها ثم تزويد المدارس بالوسائل التعليمية والإيضاحية اللازمة والأجهزة المتنوعة من الحاسوب إلى التلفزيون وأجهزة الإسقاط بالإضافة إلى السبورات الضوئية, فهذه الوسائل ضرورية كي يتعلم الطالب بالشكل الأمثل, ويجرب بنفسه المعلومات النظرية التي عرفها, ومن جهة أخرى علينا ألا ننسى الاهتمام بالوضع المادي للمدرس كي لا يشعر بالعوز ويتأثر أداؤه وعمله حيث في أحيان كثيرة تبقى بعض التعويضات لأكثر من سنة دون أن تصرف, وهذه الجوانب لا يستهان بها, وتترك أثرها على المدرس وتعامله واهتمامه بطلابه.
المرشدة النفسية
> أما المرشدة النفسية فاديا العلي قدمت رأيا في العلاقة بين التلميذ والطالب موضحة أهميتها في التحصيل الدراسي وتنشئته فقالت:خلال المدة الزمنية التي يقضيها المعلم مع تلامذته داخل المدرسة تظهر علاقة تتأرجح بين الحب والتقدير والاحترام وبين الخوف والرهبة, فالمعلم بما يتمتع من صفات شخصية وخلقية تؤثر في التلميذ إما سلبا أو إيجابا, وكلما كان المعلم متفهما لظروف التلميذ الاجتماعية والصحية والنفسية والقدرات العقلية كلما كان أبدع في إنجاح العمل التربوي والعملية التعليمية وكلما كان المعلم مرنا متساهلا حينا وحازما في أحيان أخرى كلما كان أقدر على ردم الهوة التي أساسها الخوف عند التلميذ.
ومن واجب المعلم التمكن من المادة والبحث في المنهاج المدرسي جيدا وتنمية وتغذية المادة التي يعلمها مع ابتكار الأساليب والتنويع في طرق ووسائل عرض المعلومة العلمية وتقريبها بأسلوب ممتع وشيق لجذب التلميذ إليها, والخصائص اللازمة للمعلم كي تكون العلاقة إيجابية ما بين الطالب والمعلم هو أن يكون المدرس ذكيا ونبيها ومحبا لعمله ويبدع وسائل متعددة للحوار مع تلامذته وأن يكون مربيا قبل أن يكون معلما, فالعلاقة المحببة تتطلب من المدرس آلية تعامل وسلوكيات يرسخها حتى يخلق الثقة التي تمنح التلميذ الجو الآمن والمستقر, وتكون صورة المعلم في أذهان التلاميذ أنه يساعدهم على حل مشكلاتهم, ولا يضربهم أو يعاقبهم بقسوة, لا يتهكم أو يشعرهم بالمذلة أمام أقرانهم, وإلا فإن الطالب يستاء ويرفض المدرسة والمعلم, كما يتأثر التلميذ بمظاهر مختلفة لمدرسه وقد يتأثر بكونه مرتبا وحريصا على هندامه أو أنه يشرح الدرس بطريقة جميلة وسلسة وتدريجية لأنه يهتم بأمره ويسأل عنه وقد لا يرغب الطالب برؤية مدرسه إذا كان قاسيا ويشتمه بطريقة مزعجة أو يسخر من شكله أو كلامه عندئذ يرفض الطالب الاستماع إلى الدرس ويشعر بالغربة نتيجة أسلوب المعلم.
ولكي نبني جيلا سليما معافى نفسيا واجتماعيا علينا اختيار المعلم الكفؤ والمحب للعمل التربوي التعليمي وأن يسعى هذا المعلم لبناء علاقة اجتماعية وتعليمية متوازنة مع تلاميذه وضروري أن يتحلى بالصبر والحلم والذكاء ثم الحزم وقوة الشخصية وعليه أن يكون مرنا متسامحا عطوفا, متزودا بالمعرفة التي يغرسها في نفوس تلامذته بأفضل الطرق وأنجح الأساليب التربوية التي تشعر الطالب بالراحة النفسية كي يتقبل دروسه ويتفاعل بالشكل الإيجابي الذي يعود على تحصيله الدراسي وتنشئته بالشكل السليم.
خصائص المعلم
> أهم الأسس الواجب توفرها في خصائص المعلم تحدثت عنها الدكتورة حنان هلسا قائلة:عدا الشخصية الجاذبة يجب أن يكون ذلك المعلم على مستوى عال من الثقافة العامة الضرورية لكل معلم, وتعني الثقافة الإنسانية الواسعة التي تهيىء للمرء أسباب مؤالفة الحياة الاجتماعية ومؤالفة القيم الروحية, والثقافة العامة تمكنه من إدراك ما يترتب على عمله من مسؤولية تجاه المستقبل, وتساعده في إدراك القيم الخلقية والمبادىء العلمية والمفاهيم الفنية وطبيعة المؤسسات, فتمكنه من اختيار السبل الصحيحة في التعامل مع كل أمور الحياة وتوصيلها بأمانة للطلاب الذين يتعرفون على العالم من خلال المعلم خاصة في المراحل الأولى من حياة التلميذ.
من جهة ثانية على المعلم أن يكون ملما بالثقافة المهنية التي تشتمل على علم النفس والتربية والتدريب العملي على مجموعة منتقاة من المواد المفيدة للمعلم كالمنطق وعلم الاجتماع وعلم الاقتصاد وعلم الصحة وعلم النفس الخاص بالطفولة والمراهقة وعلم الاجتماع التربوي, عدا التخصص العلمي الدقيق في أي مادة, والإعداد المهني وإن اختلفت مدته وتنوعت أساليبه, ويجب أن يشتمل على إعداد نفسي وتربوي واجتماعي معا, فالثقافة المهنية ضرورية للمعلم من أجل الوقوف على القدرات العقلية والتحصيل الدراسي للمتفوقين وبطيئي التعلم, للتمييز بين قدرات الطلبة وما يثبت حسن استعدادهم وأهليتهم والتثبت من مهارتهم, دون إغفال الالمام بمادته الاختصاصية ومتابعة ما يجري من تطور في الأبحاث العلمية عن طريق الدورات التأهيلية لأن أهم ما يميز المعلم المتجدد المطالعة والمتابعة العلمية ثم حرصه على إيصال المعلومة الصحيحة والمتطورة والحديثة لطلبته ولا بد من الإشارة إلى أهمية التمسك بوظيفة العلم في بناء الشعوب وتحديد ذاتها, إضافة إلى أن الديمقراطية تتطلب من المعلم أن ينمي في نفسه صفتين مختلفتين في المظهر متفقين في الجوهر وهما الإيمان بالحرية الفردية والإيمان بضرورة التعاون الاجتماعي, فهما ضروريتان لكل مواطن مستنير, فالأولى تعزز الانطلاق والاستقلال والتجدد والثانية تشجع التعاون الاجتماعي والحياة المشتركة, والمعلم يجب أن تتوفر لديه القدرة على القيادة الجماعية التي من أهم ميزاتها احترام الآخر كما هو وإيجاد ثقة متبادلة بين الطلبة والمدرس ما يساعد على تعزيز انتماء الطلاب للوطن والقيم الاجتماعية, ومن خلال تمكن المدرس من الإدارة الصفية الناجحة فإنه يستطيع التعرف على القدرات الفردية للطلبة وتنميتها حتى في ظل التكنولوجيا المتطورة, فيحولها إلى عمل جماعي أيضا, وهذه الخصائص من الضروري توافرها عند المعلم, كي يساهم في إنشاء جيل متطور وقادر على التكيف مع معطيات التكولوجيا يشارك في صناعتها وإنتاجها وليس التكيف على الطريقة البراغماتية النفعية, كي نتمكن من ترسيخ ثقافتنا في ظل سيطرة ثقافة الآخر الأقوى, فتكون تلك الأجيال على مستوى التحدي لثقافة العولمة التي تصل إلى التربية والتعليم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق