الأحد، 25 يناير 2015

العدالة و التنمية ماذا أنجزت هذه الحكومة؟




الحكومة لم تنجز وعودها، ماذا أخلف ابن كيران؟

 السؤال الذي يجب أن يطرح، و هو على كل حال يحرج السيد رئيس الحكومة، هو ماذا أنجزت هذه الحكومة؟ والجواب الذي لن يختلف فيه المتابع الموضوعي للأداء الحكومي، هو لاشيء.
فمن خلال إطلالة سريعة على البرنامج الانتخابي لحزب العدالة و التنمية، و الذي ركب به بنكيران كأمين عام للحزب و رفاقه على موجة التغيير التي قادها شباب حركة 20 فبراير، يتضح أن الفرق شاسع بين ما سطره الإخوة في البيجيدي من وعود شملت حوالي 1500 من الإجراءات المتنوعة ابتداء، من الصحة ومرورا بالتعليم والاقتصاد والتنمية البشرية، ووصولا إلى مناخ الأعمال والمنظومة الضريبية.
فهل بالفعل استطاع بنكيران أن يفي بوعوده
فيما يتعلق- على سبيل المثال لا الحصر - بتحسين مؤشر التنمية إلى ما دون مرتبة 90، وتقليص نسبة الأمية إلى 20، ورفع الحد الأدنى للأجور إلى ثلاثة ألاف درهم والحد الأدنى، و الذي اعتبره وزير حكامة بنكيران الوفا مجرد شعارات انتخابية، بالإضافة إلى  المعاشات التي وعد بها بنكيران المغاربة المتقاعد برفع حدها الأدنى إلى 1500 درهم، علاوة على مضاعفة الرعاية الصحية للطفل والأم، هذه الأخيرة التي عرفت تراجعا من ناحية الجهود التي بذلت في السابق حيث بتنا نرى بشكل مستمر النساء يلدن أمام المستشفيات،كما ارتفعت في الآونة الأخيرة وفيات الحوامل و الأمهات دون أن تتدخل الجهات المختصة لوقف هذا التراجع.
فالبرنامج الانتخابي لحزب العدالة و التنمية تضمن وعودا تنص على تخليق الحياة السياسية وتعزيز المشاركة السياسية وإعادة الاعتبار لدور المؤسسات، فهل ما يقوم به السيد رئيس الحكومة من تمييع للعمل السياسي عبر انشغاله بلغة السباب و تمييع العمل السياسي و إهاناته المتكررة للمؤسسات و تهريجه و ازدرائه للنخبة السياسية و ابتزازه لكل من رفع صوت المعارضة في وجهه يعد وفاء لما جاء في مضمون وعوده الانتخابية.
بخلاصة السيد عبد الاله بنكيران أخلف موعدا كبيرا مع التاريخ، لأن الشعب المغربي كان ينتظر منه أن يقود حكومة دستور 2011، ولكن الصدمة كانت كبيرة، لأن الحكومة برئاسته برهنت في العديد من المناسبات على انعدام الخبرة والكفاءة لدى وزرائها في إدارة الشأن العام، كما أن القرارات الارتجالية التي اتخذتها و التي تمس بالقدرة الشرائية للفئات الهشة تؤكد أن الحكومة أعلنت حربا مباشرة على الطبقة الفقيرة و كذا المتوسطة، هذه الأخيرة التي كان السيد بنكيران وحزبه يتغزلان فيها طيلة الحملة الانتخابية.

ألا يشفع لهذه الحكومة الظرفية الاقتصادية السيئة والأوضاع الاجتماعية والسياسية غير المناسبة إقليميا ودوليا؟

أولا يجب توضيح أمر أساسي وهام، فالبوادر الأولى للخروج من الظرفية الاقتصادية العالمية بدأت ملامحها تتضح أمام كل الخبراء في الفصل الثاني من سنة 2012، و بالتالي فإن سنة 2013 عرفت تحسنا على مستوى كل المؤشرات الاقتصادية العالمية من تحسين مناخ العمال و تخفيض المديونية العمومية للدول حتى النامية منها و تسوية أهم المسائل المالية، كما اتضح أن الثقة انعكست على السوق المالية العالمية و سجلت معظم الساحات المالية ارتفاعا و بالتالي فإن كل تلك البكائيات التي مازال يطلقها الشيخ بنكيران ومريديه لم يعد لها مبرر.
ثم إن كنتم تشيرون للأزمة الاقتصادية العالمية، فيجب التذكير كذلك، بأن تداعياتها مست المغرب منذ سنة 2007، ولكن السياسة الاقتصادية والمالية التي نهجتها الحكومة السابقة التي قادها باقتدار الأخ عباس الفاسي، جنبت بلادنا الكثير من المخاطر، وعلى كل حال فإن غياب الرؤية الاقتصادية لدى حكومة بنكيران ، وكذا انشغاله بخوض المعارك الكلامية، بدل الانكباب على دراسة الملفات، فاقم من تداعيات الظرفية الاقتصادية الدولية على بلادنا، ثم إن حرص الحكومة المرضي في الحصول على شهادة حسن السيرة من لدن المنظمات المالية والاقتصادية الدولية، دفعها إلى تغليب المقاربة الموازناتية، على حساب المقاربة الاجتماعية، والنتيجة كانت  ارتفاع الأسعار بشكل صاروخي، وارتفاع معدلات البطالة والمديونية.
وقد سبق لنا في حزب الاستقلال، أن قدمنا اقتراحات اقتصادية واجتماعية، دقيقة من خلال وثيقتين الأولى كانت عبارة عن مذكرة موجهة إلى رئيس التحالف الحكومي يوم 3 يناير 2011  و كان الغرض  منها تقوية التنسيق الحكومي و رفع إنتاجية الأداء الحكومي و الثانية  و هي بيان للجنة المركزية لحزب الاستقلال توصل به رئيس الحكومة في 30 مارس  2013 أسميناه بيان" جهاد الكرامة"، ولكن مع كامل الأسف سوء النية التي يتعامل بها السيد بنكيران مع جميع الفاعلين السياسيين جعلته يرفض الإنصات إلى اقتراحاتنا.
إن عدم الاستقرار في جوارنا الإقليمي، الذي نأسف له، كان فرصة لإنعاش العديد من القطاعات الاقتصادية، كقطاع السياحة، ولكن لاشيء من ذلك حصل، لأن الاقتصاد يقوم على الخبرة والكفاءة والعمل، وليس على الارتجالية والقذف والسب الذي يجيده رئيس الحكومة.

الحكومة استطاعت أن تحد من التوظيف المباشر الذي يخالف مضمون الدستور الحالي وتؤسس لقاعدة الشفافية في المباريات وطلبات العروض... ألا يعتبر هذا مكسبا لصالح الحكومة؟

إن ملف التشغيل، هو أحد أكبر مظاهر الفشل الحكومي البين، وبعيدا عن منطق الشعارات الفارغة، ذات النزعة الانتخابوية، التي مافتئ رئيس الحكومة وبعض وزرائه يرددونها، فإن ارتفاع معدلات البطالة على عهد هذه الحكومة يشكل أكبر تهديد للسلم الاجتماعي ، لأن تكلفة الإصلاح المزعوم لا يمكن أن يتحملها، "الدراوش" والمساكين.
أما فيما يخص الحد من التوظيف المباشر فهذا من إنجازات حكومة عباس الفاسي التي يحمل المرسوم توقيعه عليه، ولكي لا نخلط الأمور، حزب الاستقلال دافع وسيستمر في الدفاع عن المعطلين حاملي الشواهد العليا، المشمولين بمحضر 20 يوليوز، لأننا نحترم التزاماتنا، و لأننا حريصون تمام الحرص على تنفيذ مبدأ استمرارية المرفق العمومي و سريان قراراته ولو تغيرت إدارته، ناهيك عن أن الأحكام القضائية الصادرة بهذا الخصوص عززت موقف هذه الفئة،ثم إن كل من بنكيران و زملاؤه وعدوا هؤلاء الشباب بتوظيفهم حالما يتسلموا مقاليد السلطة الحكومية،فما الذي تغير بين الأمس و اليوم ؟ بل إن منهم من عرّض جسده ل"لزرواطة "أمام البرلمان و حرّض المعطلين على اقتحام مقرات الأحزاب السياسية و كان يدير العملية عن بعد،و اليوم  تجده يقف داعيا رجال الامن ومستعملا سلطته لتعنيف المعطلين بتدخلات بولسية همجية تخلف كل يوم ضحايا في صفوف المعطلين.
اسمح لي لأقول لك باختصار شديد إن التاريخ سيظهر أن تحزيب الإدارة و السعي لأخونة مؤسسات الدولة، على حساب أبناء الشعب الذين أرهقهم الانتظار بشارع محمد الخامس و بالضبط أمام البرلمان، هي سياسة بنكيران ووزرائه، وما فضيحة الخلفي مع ابن الحمداوي رئيس الجبهة الدعوية لحزب العدالة و التنمية ، إلا غيض من فيض، أما ما خفي فأعظم.

باشرت الحكومة إصلاح صندوق المقاصة وهو ورش لم تستطع سابقاتها الحديث عنه أو وضع اليد عليه، واعتبرت خطوة مهمة لصالح توازن المالية العمومية رغم الانتقادات التي طالتها بالإجهاز على القدرة الشرائية، أليس هذا بالإنجاز؟

شخصيا لم يظهر لي لحد الآن أي إصلاح لصندوق المقاصة اللهم إن كنا نتحدث عن بعض الإصلاحات التي تمت فعليا في عهد الحكومات السابقة، انطلاقا من حكومة اليوسفي إلى حكومة الفاسي ،حيث بدأ التفكير حينها في إصلاح الصندوق من خلال إحداث قانون المنافسة ووضع لائحة بالمواد التي يجب تحرير أسعارها، وبقيت المواد النفطية وكذا الدقيق والسكر شاملة للدعم بعد أن تم الإقرار بتأجيل تحريرها، وفي سنة 2005 ارتفعت المبالغ المخصصة للصندوق مع بداية ارتفاع أسعار المواد النفطية، قبل أن تنفجر الأسعار مع بداية الأزمة الاقتصادية التي تصادفت مع انطلاق حكومة عباس الفاسي في قيادته للحكومة ونهج خلالها سياسات احترازية لإنقاذ الصندوق مادام أمر إلغائه غير وارد، و قد تم ذلك بشكل هادئ وتشاركي، بعيدا عن اللغط الإعلامي، الذي لا فائدة منه، وسيذكر التاريخ أن العديد من المبادرات القوية والبرامج الفعالة ، بخصوص صندوق المقاصة اتخذتها حكومة عباس الفاسي ومنها برنامج تيسير، أما إصلاح الحكومة الحالية للمقاصة فمازال وهما، و يريدنا بنكيران ووزيره المطرود من حزب الاستقلال أن نصدقه، لأن الأمر لا يتعلق إلا بحرب شعواء على المستضعفين والفئات الهشة، أما اللوبيات التي تمتص دماء المغاربة من خلال صندوق المقاصة ، فإن بنكيران لا يجرؤ على الاقتراب منها.
كما أني و كباقي المغاربة أستغرب لهذه اللغة (الإصلاحية )التي بات يتحدث لسان السيد رئيس الحكومة بها، فالجميع مازالت ذاكرته تحتفظ ب"جذبات" الفريق النيابي لحزب العدالة و التنمية بالبرلمان سنة 2008 لكي لا يتم المساس بصندوق المقاصة، حيث كانت آنذاك حكومة عباس الفاسي بصدد تقديم مقترحات لإصلاح الصندوق ولم تكن في نيتها إلغاؤه، فانتفض أصدقاء بنكيران وحوّلوا قبة البرلمان إلى ساحة حرب، و وصفوا حكومة عباس الفاسي بأبشع النعوت، بل إن منهم من وصفه بالخراف و العجز و المرض إلى غير ذلك من النعوت القدحية التي لن يتسع صدر بنكيران اليوم لها و لا للانتقادات البناءة التي تقدمها له معارضة.

ماذا ينتظر أن تنجز الحكومة غير ما قدمته إلى اليوم؟

الشعب المغربي ينتظر رحيل هذه الحكومة بلا رجعة... وفي انتظار ذلك الرحيل ، على رئيس الحكومة  و وزرائه أن يتقوا الله في هذا الشعب الذي منحهم الثقة خلال انتخابات 25 نونبر 2011، وأن يتوقفوا على توظيف موضوع الفساد للنيل من خصومهم السياسين، و يتحلى  بصفة رجل دولة وليس زعيم جماعة دعوية، و أن يبرهن على قدرته في أجرأت شعاراته التي لطالما رددها إبان الحملات الانتخابية و خلال مرافعات المعارضة و التي جاء فيها أنه و فريقه الحكومي قادرون على تعزيز استقلال القضاء وجعل المواطن في صلب السياسات العمومية، و اعتماد نظام الاستحقاق والكفاءات ومحاربة الفساد في كل تجلياته ،وهنا لابد أن أوضح أن مفهوم محاربة الفساد لدى رئيس الحكومة انبرى فقط في رمي خصومه السياسيين بالباطل و نشر لوائح المستفيدين من بعض الامتيازات المقدور على نشر أسمائها .
كما أن الحكومة  مدعوة اليوم إلى ضرورة تحسين الحكامة ومحاربة اقتصاد الريع بطرق عقلانية محاسباتية و ليس بنمطق انتقائي، و الابتعاد عن الحلول السهلة من قبيل الاقتراض من صندوق النقذ الدولي و الزيادة في أسعار المواد الأساسية وكذلك الكهرباء و التي نعتبرها في حزب الاستقلال خطا أحمرا لا يمكن تجاوزه.
باختصار شديد فلائحة الأولويات طويلة جدا و ما أعتقد أن السيد بنكيران ومن معه سيرخون أذن الإصغاء و سينكبون  على تحقيق البعض  من انتظاراتنا كمغاربة عقدنا آمالا جمة فيهم ... لذلك فأنا أجدد لك ما صرحت به في بداية هذا الجواب و أقول لك إن أسهل الانتظارت و أقربها للتنفيذ أن يجمع السيد بنكيران حقائب الخيبة و يرحل عن كرسي رئاسة الحكومة و يرحنا من ترهاته التي أضحت عبارة عن أسطوانة مشروخة سئمها الكل و امتعض منها القصي و الداني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مــواضــيـع أخــــرى